الأسِير

يُولَد الأملُ من رحمِ الألمِ، وتعيشُ النبتةُ على سُقيا قطرةٍ من الماءِ فتغدو أجملَ أشجارِ الرّبيع؛ وكذا الأسيرُ الصّامدُ بقلبٍ محمّل بالآمال يهفو كلّ حينٍ لينتصِر على قيدُه ويحيا بسلامٍ، فلا يستسلِمُ، ولا يهتزّ، ولا ينهار إنّه بطلٌ ليس كباقي الأبطال، فقد غذَّى أوتادَه بحبِّ الوطنِ، والإصرار في سبيلِ ذلكَ الانتصار، إنّه فداءُ الوطنِ على مرّ الزّمن لا يخشى شيئاً، وهو مَن كُتب فيه هذا المقال بحروف من الفخر والشجن.


عِباراتٌ للأسير



يا أسيرَ الجمال، ضربتَ للبطولةِ والصّمودِ أروعَ مِثال.




سلامٌ للرّباطِ في فؤادِك، سلامٌ مفعمٌ بالكبرياءِ والشموخ، طِبتَ يا أسيرَ الوطنِ، ودمت عزيزاً رافضاً للرضوخ.




لا تيّأسْ يا أسير الصمود؛ فإنّكَ النّورُ في عتمةِ السّجون، وتُراك تحيا في القلوبِ وفي العُيون.




مهما حاولُوا شَتاتَ قلبِك، فأنتَ مخلِصٌ في سبيلِ ربّك.




لا تحزَنْ يا أسير فكلُّ الوطنِ يُحِبُّك، ويدعو الله بقربِك.




لا تبتئس أيّها الأسيرُ المِغوار، فأنت قويّ صاحبُ قلبٍ سليمٍ بتّار.




صبراً لله لله، يا أسيرَ العدوّ في الحياة.




لا تخشْ ظّلامَ اللّيل با أسير، فإنّكَ شمسُ صباحِنا كلّ نهار.




يا بسمةَ الكآبةِ، ويا نبضَ العزمِ، أنتَ فخرٌ للأمم، وفيكَ للجيل أسمى القِيم.




الصّبرُ لكم يا أسرانا كِسوةٌ ورادء، فاعذروا القلمَ والورقَ إن لم ينصفاكما، فأنتم لا يليقُ بكم سوى الثّناء والعطاء.




من رَحمِ معاناةِ القاماتِ العليا تولدُ شهادةُ الأقوياءِ، وشهامةٌ شامخة أمامَ الأعداء.




والعسرُ لا يعقُبه يا أسيرُ إلّا يُسرٌ بيُسرَينِ؛ فاصبِرْ ولك النصر وعليين.




يا أملَ الشعوب، ويا ملاذَ الخطوب، سلمتَ وعِشتَ آمناً من شتّى أنواعِ الكُروب.




الألمُ لا يستمرُّ، والجرحُ لا يندمِل، ولكنّ النصرَ قريبٌ، بعونِ الله يا بطل.




اكسِرْ قيودَ الذّلِ من روحاءِ قلبِك، وانتفِضْ بروحِك منتصراً، ولا تفتُرْ فأنت أمل الأجيال القادمة.




رجالُ القضيّة هم أسرانا البواسل، وهم النخوةٌ والعزة، وهم منِ احتضنوا الآمالَ وملكوا القلوب، هم أبطالٌ أبطالُ، وعيونُهم حارساتُ الحدود.




ليسَ الخمول دربُ الأسير المِقدام، إنّما دربُه دربُ العملِ الدؤوبِ، والسلام.




قاماتكم شامخة، وعيونك غير راضخة، فدمتم للأجيال مفخرة يُباهون بها، ولسلامتها يتضرّعون.




لا يبقى شيءٌ على حال، فغداً يطلعُ فجرٌ بارّقٌ بإذنِ الله يا أبطال.




لا بدّ للأيّامِ من انقضاءٍ، ولا بُدّ للسّاعاتِ من انتهاءٍ، وكلّ لحظةٍ وفرجُها مع الدّعاء، فالصبر للنصر يا أبطال.




كلٌّ يغدُو كلَّ صباحٍ لحرثِه، وأسيرُ السّجون يحلمُ بالسّكون، وبأن ينهضَ قائماً في سبيلِ دفاعِه عن وطنِه ويفديه بالعُيون.




النّصر والفرجُ مقترنانِ، فما عليك إلّا الصّبر والدّعاءَ لربّ السّماء.




وكما تُزهر النبتة بعد أن أنهكها الشتاء، سيطلع النور من زنزانتك قريباً، وستعانق وجنتاك طعم الحرية يا أسير.




نورٌ بعد ظلام، وأملٌ من رحمِ الألم، وأنتَ عبقُ الأمّةِ يا أسيرَ العَلم.




أسرانا البواسِل الذين ضحّوا وما زالوا.. حُرّموا حرّيتّهم، ونورَ الشمسِ وضوءَ القَمر..أنّا لنا أن ننساكُم وأنتمُ للحُرّيّة عنوان.




أسيرَ الصّمود كنتَ في سجنِك وظلمتِك قرآناً، وبصبركَ رأينا الحُريّة والحقّ تبياناً، نسجتَ لنا الأنوارَ في عتمةِ الزّمانِ بُرهاناً.




عندما نرى الأملَ منبثقاً من رحمِ الألم، عندما نرى الحُريّة قد خُطّت بالقَلم، لا بدّ أن يولد فينا إيماناً بأنّك إن شاء الله يا أسير عائد.




لن يطولَ زمنُ الأسر، فالنّصر وربُّ الكعبةِ آت، النّصر بإذنِ الله آتٍ.




يُضّحي فؤادُ الأسير رغمَ قبضانِ المِحن، لا يا نفسُ لن يدومَ السّكن في قبرِ السّجن، لن يدومَ السّكن فالفرجُ قريب، وربُّنا مجِيبٌ.




وإن كان الأسرُ في الجسدِ، فالقلبُ حُرٌّ دوماً لا يؤسَر أبداً.




الحُبُّ هو الدّافعُ في القلوبِ، والأسرى هم أزكى من يفعّلونَ معانيَ الحبّ في القلبِ، فالثّباتُ فيه حاصلٌ حاصلٌ، والحبُّ فيه كائنٌ كائن.




لا شيءَ يُحيي القلبَ كما الحُبُّ لله وفيه، ومعه، فالله هو الحبُّ والأسيرُ نابضٌ قلبُه بهذا القُرب.




لا تجزعْ ولا تفزَعْ يا أسير، فالله لك ناصر وعلى جبر قلبك قادر.




حنينُ الأسيرِ إلى فجرٍ يُنيرُ تصدّعاتِ الزّمن، قيدُ القسوةِ سيزول حتماً سيزول.




لله درُّ أمّ الأسير وزوجته كم لهما من الأجور؛ إذا استودعتا أسيراهما لله كعملٍ مبرور!




أسيرَ الكرامةِ يا صامداً وسطَ الآمِ وتمزّق الأشلاءِ، هذهِ تحيّةٌ من صدور العاشِقين للحُريّة لكَ يا أجملَ نسمةً ربّانيّة.




وأيّ كرامةٍ أرقَى من كونِك أسيراً فدا وطنِك! دمتَ أملاً بقلوبٍ تؤمنُ بعقيدةٍ الفرج القريب من ربّ مجيب.




أجملُ ما في الأسير هو أملُه الكبيرُ بالنّصر على العدوّ وبلوغه بُشرى التّحرير.




النّصر الأسمى للأسير هو صمودُه وإيمانُه بأنّ الشرفَ والعِزّة بالثّباتِ حتّى الممات.




وإن كان الموتُ أشرفُ من الأسر، إلّا أن الأسرَ نهايتُه الظّفر للوطن، وما أجملَ الدّفعَ الأرواحِ للشّهادة! وما أطيبَ الصّبرَ في زنزانةٍ بعزةٍ سعادة!




الأسيرُ إنسان ضحّى بحياته، وقلبِه في سبيلِ الفوزِ بدربِ الحريّة والكرامة.




يا سلاماً لأسير الفِدا، الذي ضحّى بعزّةٍ في وجه الأعداء، رغمَ ألمِ الحِصار في السّجون هو مَن أعلنَ الاستمرار حتّى الانتصار، نعم حتّى الانتصار.




في عينيه تكمن لمعة الحريّة كما النسور المحلّقة في السماء، وفي روحه تقطن العزّة وروح الإباء.




في صبرِه الحديد، وثباته الصّنديد في وجه المحتلّ العنيد سحقّق الأسير بإذن ربّه ما يريد.




رسائل للأسير



إنّ الحياةَ لتمُرُّ مَرّ الزُّآم، وتسرقُ منّا أحلامَنا والمَرام، فمهما عِشت فيها وتجرّعتَ كأسَ المرارةِ يا أسير لا بدّ لك أن تذوقُ السّلام، نعم يوماً ما ستذوقُ حُرّيةَ السّلام، وستفارق غرفة لا يكادُ يُرى ما فيها لما تحتويه من ظلامٍ، ولِما يعجّ فيها من ذلّ انتظار، ولِما يخلو منها جنحُ الأمل، لكنّ أسيرنا يواسِي تلك النّفسَ بضوءٍ خافتٍ ضئيلٍ لا يُغادرُ مخيّلَته، ويطبّب روحَه الغطشى لماءِ الشّوق بيديه العاريتين، ولكن اطمئن ستنجو قريباً يا دستورَ السّلام.




والصّبر مناجاةُ القلبِ المؤمن، فمن يومٍ ليومٍ تقصُرُ لحظاتُ اليأسِ وتنفكُّ القُيود قيداً قيداً، وستشعر أيّها الأسير بأنّ ضوءَ حرّيتِك ينبعثُ بقوّة، وينبثِقُ بحبّ، ويشمَخُ بالنّصر، عندها ستغفو على صدرِ أمّ حنون، وتسيلُ دمعةُ الشّوق من عينيكَ، هي دمعةُ اللّقيا، وسيتفجّرُ من دفءِ قوّة الحنانِ سبيلُ النّجاة والفرجِ والنّصر، عندها ستحلُو في قلبِك يا أسيري الحياة، نعم ستحلُو حياتُك بقوّة صبر نجاتِك.. أيا بطلي بعد أن أسروكَ في زنزانةٍ ضيّقةٍ مظلمة وأسرتَ تفكيرَهم، وقهرتهم بصبِرك، وكسرتهم بقوّة عزيمتِك، يا قمرَنا في ظلماءِ الأيّام نحنُ نفتحرُ بكَ، نمشي رُفّعاً رؤوسُنا؛ فنحنُ بكَ نفخرُ يا أسيرَ القَمرِ، ويا بسمةَ الصّبحُ، وأملَ اليأسِ المنير.




أشعارٌ للأسير

  • قال خُبيب بن عدي رضي الله عنه عندما وقع أسيراً:


ولستُ أبالي حين أُقتلُ مسلِماً على أيّ شقٍّ كلن في الله مضجعِي وذلك في ذاتِ الإلهِ وإن يشأ يُبارِك على أوصالِ شلّوٍّ ممزّعِ فلستُ بمبدٍ للعدوّ تخشُّعاً ولا جزعاً إنّي إلى الله مرجِعي



  • وقال الشّاعر:


ووراء قضبان الأسى شجنٌ نزف الحنين وأشعل الصبرا والهمُّ بات من الضنى جبلا فوق القلوب يعذِّبُ الأسرى وعيونهم ترنو إلى أسد يهبُ الوحوش لموتها جحرا أزَّت فؤادي صرخةٌ صعقت وجع الحنايا فانبرى نهرا وجرت مواجع أضلعي سفنا كي ترتقي فوق اللظى نصرا