حلَب الشَّهباء

يليق بحلبِ الشّعر، وكُلّ قصائد الغزل، فهي على عهدها منذ فجر التّاريخ، صامدة لا تهرم ولا تنكسر، وبدأ من عندها التَّاريخ، وتوقّف لأجلها، ليسترسل الحكواتي القابِع في أزِّقتها وحواريها في سرد كُلِّ الحِكايات والأساطير عَن فاتِنَةٍ جَميلة تُدعى حلب.


أجمل ما قِيل عن حلب شِعراً

  • قال المُتنبّي:

لا أقمنا في مكانٍ وإن طا ب ولا يمكن المكان الرّحيل

كلَّما رحبت بنا الرّوض قلنا حلب قصدُنا وأنت السَّبيل

فيك مرعى جيادنا والمطايا وإليها وجيفنا والذَّميل



  • قال أبو فِراسٍ الحمداني:


سقى ثرى حلب ما دُمت ساكنها يا بدر غيثان منهلّ ومنبجسُ أسير عنها وقلبي في المقام بها كأنَّ مهري لثقل السَّير مُحتبسُ هذا ولولا الذي في قلب صاحبه من البلابل لم يقلق به فرسُ كأنَّما الأرض والبلدان موحشة وربعها دونهنّ العامر الأَنِسُ مثل الحصاة الُتي يُرمي بِها أبداً إلى السَّماء فترقى ثم تنعكسُ



  • قال أبو العَلاء المَعرّيّ:


يا شاكي النَّوب انهض طالباً حلبا نهوضٌ مُضنىً لحسم الدَّاء ملتمسِ
واخلع حذاءك إن حاذيتها ورعاً كفعل موسى كليم الله في القدس



  • قال المُتنبِّي:

يا برق أسفر عن قويق فطرتي حلبٍ فأعلى القصر من بطياس

عن منبتِ الورد المعصفر صبغة في كلّ ضاحية ومجنى الآس

أرضٌ إذا استوحشتكم بتذكرٍ حشدت عليّ فأكثرت إيناسي



  • قال أبو فِراس الحمداني:

لقد طفت في الآفاق شرقاً ومغربا وقلّبت طرفي بينها متقلّبا

فلم أر كالشَّهباء في الأرض منزلا ولا كقويق في المشارب مشربا



  • قال البُحتري:

اُمرُر عَلى حَلَبٍ ذاتِ البَساتينِ وَالمَنظَرِ السَّهلِ وَالعَيشِ الأَفانينِ

وَقُل لِدُحمانَ إِن واجَهتَ جَمَّتَهُ تَقُل لِمُضطَرِبِ الأَخلاقِ مَأفونِ

أَمسَكتَ نَيلَكَ إِمساكَ القُمُدِّ وَلَو أَعطَيتَ لَم تُعطِ غَيرَ القُلِّ وَالدّونِ



  • قال أبو بكرٍ مُحمَّد بن الحَسن:

سقى حَلَبُ المزن مغنى حَلَب فكم وصَلَتْ طرباً بالطَّرَبْ

وكم مستطابٍ من العيشِ لذَّ بها لي إِذِ العيشُ لم يُسْتَطبْ

إِذا نشر الزّهرُ أَعلامَه بها ومطارفَهُ والعَذَب

غدا وحواشيه من فضَّةٍ تروقُ وأوساطُهُ من ذهب



  • قال الشّاعر أبو الفتح الرَّمليّ:

أرتكِ ندى الغيث آثارها وأخرجت الأرض أزهارها

وما أمتعت جارها بلدة كما أمتعت حلب جارها

هي الخيد يجمع ما تشتهي فزرها، فطوبى لمن زارها



  • قال أبو العلاء المَعرّي:

حلب لِلوارِد جنَّة عدن وهي للغادرين نار سَعير

والعظيم العظيم يكبر في عينه منها قدر الصَّغير الصَّغير



  • قال الملك النّاصر:

إذا حلب وافيتها حيّ أهلها وقل لهم: مشتاقكم لم يهوّم



  • قال جعفر بِن محمود:

حيّا الحيا تربة الشّهباء من حلب بما تدر عليّ الأنواء من حلب



  • قال مُحمَّد بن عليّ:

حلب تفوق بمائها وهوائها وبنائها والزّهر من أبنائها

ظلّت نجوم النّصر من أبراجها فبروجها تحكي بروج سمائها

والسّور، باطنه ففيه رحمة وعذاب ظاهره على أعدائها

بلد يظلّ بها الغريب كأنّه في أهله فاسمع جميل ثنائها



  • قال أبو الحسن الغرناطي:

حلبٌ إنَّها مَقرُّ غرامي ومَرامي وقبلة الأشواق




  • قال البَحتري:

سَلِ الحَلَبِيَّ عَن حَلَبٍ عَن تِركانِهِ حَلَبا

أَرى التَّطفيلَ كَلَّفَهُ نُزولَ الكَرخِ مُغتَرِبا

أَلَستَ مُخَبِّري عَن حَز مِ رَأيِكَ أَيَّةً ذَهَبا

نَسيتَ المَروَزِيَّ وَيَو مَنا مَعَهُ الَّذي اِقتُضِبا

وَقَد ذَبَحَ الدَّجاجَ لَنا فَأَمسى ديكُهُ عَزَبا

هَلُمُّ نُكافِهِ عَمّا اِبـ ـتَغى فينا وَما اِحتَسَبا

بِشِعرِكَ إِنَّهُ ضَمَدٌ مِنَ الحَقِّ الَّذي وَجَبا



أجمَل ما قِيل عن حَلَب في الشِّعر الحديث

  • قال جُبران خليل جُبران:

ضاق بالسُّرعة الفضاء ولَم يبق مُغترب

يُدرِك الشَّأو أو يَكاد متى أزمع الطَّلب

أرز لبنان هاكسة حلب هذه حلب



  • قال محمود درويش:

قَصَبٌ هياكلنا..

وعروشنا قَصَبُ

في كُلِّ مئذَنةٍ..

حاوٍ، ومُغتصِب

يَدعو لأندلُس..

إن حُوصِرَتْ حَلَبُ



  • قال نِزار قبَّاني:

كُلّ الدُّروب لدى الأوربّيين تُوصِل إلى روما

كُلّ الدُّروب لدى العرب تُوصِل إلى الشِّعر

وكُلّ دروب الحُبّ توصِل إلى حلب

صحيحٌ أنَّ مَوعِدي مع حلب تأخَّر رُبع قرن

وصحيحٌ أنَّ النِّساء الجَّميلات لا يغفِرن لرجُلٍ

لا ذاكِرَة له، ولا يَتسامَحن مع رجُلٍ لا ينظر

في أوراقه الرّوزنامة..

ولا يُقدّم لهُنَّ فروض العِشق اليوميّ 

كُلُّ هذا صحيح، ولكنَّ النِّساء الجَّميلات وحلب

واحدةً مِنهُنّ

يعرفن أيضَاً أنَّ الرَّجُل الذي يبقى صامِداً في نار العِشق

خَمساً وعِشرينَ سنة، ويَجيء ولو بعد خمسٍ وعشرين سَنة



  • قال تميم البرغوثي:

أيا ياسمينُ الّتي من حَلبْ أهلكُ تُركٌ وأهلي عربْ

لعينيك سامحتُ هذا الزّمانَ وكنتُ عليه طويلَ العتبْ

غريبٌ على الدَّهرِ حُسنكِ هذا فُديتِ ولا حُسن إلّا اغتربْ

وما عادةُ البخيلِ العطاءُ وما عادةُ الكريم الطلبْ



  • قال شِبلي الملّاط:

ودَدت لو أنّ في الشهباء داري إذا أزمعت عن وطني ارتحالا

وإن جار الزّمان عليّ فيه فلست أرى سوى حلب مآلا

بني أمي يعزّ عليّ أنّي أشُدُّ غدا إلى الوطن الرِّحالا

وكنت أحبّ لو يومي تمادى وليلي امتدّ بينكم وطالا



  • قال بشارة الخوري، (الأخطل الصَّغير):

نَفَيْتَ عَنْكَ العُلى وَالظَّرْفَ وَالأَدبَا‏‏ وَإِنْ خُلِقْتَ لَها إِنْ لَمْ تَزُرْ حَلبَا‏‏‏

شَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا‏‏‏ في راحَة الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحببا‏‏

أَوْ كانَ لِلَّيْلِ أَنْ يَخْتَارَ حِلْيَتَهُ‏‏‏ وَقَدْ طَلَعْتِ عَلَيْهِ، لازْدَرى الشُّهُبَا‏‏‏

لَوْ أَنْصَفَ العَرَبُ الأَحْرارُ نَهْضَتَهُمْ‏‏‏ لَشَيَّدوا لَكَ في ساحاتِها النُّصُبا‏‏‏

ما ضَرَّ مُوقِدَهَا، وَالخُلْدُ مَنْزِلُهُ‏‏‏ إِذا رَمى نَفْسَهُ في نارِها حَطَبا‏‏‏



  • قال مُظفّر النوّاب:

أتيت الشَّام أحمِل قرص بغداد الكبيرة

بين أيدي الفُرس والغلمان مَجروحا

على فُرسٍ من النَّسب

قصدت المسجِد الأمويّ

لَم أعثر عَلى أحدٍ من العَرب

فقُلت: أرى يَزيد لعلَّه

ندِمَ على قَتل الحُسين

وجدتُّه ثمِلاً

وجيش الرُّومِ في حَلب



  • قال خليل مُطران:

أيُّ هذه الشّهباء والحسن في ذلك الشّهب

حبذا في ثراك ما فيه من عنصر الشّهب

ذلك العنصر الّذي ظلّ حرَّاً ولم يشب

عنصراً قد أصاب منه ابن حمدان ما أحبّ

وبه "أحمد" ارتقى ذروة الشّعر في العرب



  • قال جُبران خليل جُبران:

ما الّذي أنجَبت حلب من جمالٍ هو العَجَب

ومن اللُّطف والحَجي ومن الظّرف والأرب



  • قال مُظفّر النّوّاب:

كيف عَبرتُ ولم..؟

فأنا في الطَّرفين مِن النَّهر

كأنَّ الكُوفة في حَلب



  • قال مُحمَّد قجّة:

أهواك يا حلب الشّهباء فاقتربي وعانقيني لأرقى فيك بالشُّهب

يا وردةً في ضلوع الصَّخر طالِعةً يعنو لك الصَّخر في عُجبٍ وفي عَجَب

إن فاخر القوم في أرضٍ وفي نسب إذاً لفاخرت أني اليعرُبيُّ الحلبي



  • قال مُحمّد كمال:

ليس منِّي بل منك أنت العطاء أنت سرُّ الإبداع يا شهباء

كيف أخشى من الزَّمان افتقاراً وانتسابي إلى ثراك ثراء



  • قال أحمد البراء الأميري:

طال البِعاد وشفَّني النَّصَبُ فمتى أعود إليكِ يا حَلَبُ

أودَعتُ فيك من الصِّبا عُمُرًا بالشَّوق والأحلام يختَضِبُ

ونثرتُ فوق رُباك أغنيَةً بيضاءَ مِلءَ السَّمع تَنسكِبُ

غنَّيْتُها والحبُّ يُلهِمني والسَّامرون برجْعها طرِبوا

نشوانَ، خمري ذوْب عاطفتي فاخجَل ودعني أيّها العِنبُ

ودَّعتها وصباي يَبسِم لي ومناي لا ترقَى لها السُّحُب