الحياة

هي كلمةٌ من الإحياءِ، وما أعظمَ الحياةَ الّتي تُكوّن إنساناً عظِيماً، ولا شكّ أنّها هي الحياةُ الّتي يعيشُ فيها كلّ حيّ على هذهِ البسيطة، أيَّاً كانَ أصلُه ولونه وشكلُه، وليسَ كلُّ من يعيشُ في الحياةِ الدّنيا حيَّاً، بل هناك من هو جسدٌ فقط؛ فالحياةُ لا تُقاسُ بمقدار حركاتِ الجسد، بل إنّها تُشكّل ركناً أعظمَ من ذلِك، ألا وهو النّبض القلبيّ الّذي ينثُره سيّد الجوارح؛ فمن كان قلبُه حيَّاً بالصّدق والإيمان، كانت حياتُه حيّة بالسَّلامِ والاطمئنان.


كلامٌ نثريّ عن الحياة



الحياةُ الدّنيا كنزٌ لمن اغتنمها جيِّداً، وهي سبيلُ النَّجاةِ للحياةِ الآخرة، ومن كان عاقِلاً استغلّها بشكلٍ معتدلٍ متّزنٍ، ولم يُفرّط في أيّ دقيقةٍ من دقائِقها، وبذلَ أوقاتَه كلّها في طاعة، وابتعدَ عن كلّ رذيلةٍ بقناعة، ونضجَ في سبيلِ التّفكير السّليم، وتعلّم كيفَ يحيا حياتَه بكلّ ما فيها بالقُربى من ربّ الأرضِ والسمواتِ؛ فالكلّ إلى المماتِ بعدَ هذه الحياة.




الحياةُ عجيبةٌ غريبة؛ فإن كانت حُلوةً في بعضِ الأحيان؛ فهي أليمةٌ ومُرّة في أحيانٍ أُخر؛ فينبغي للإنسان العاقِل أن يفطَن أشدّ الفطنةِ بأنّ هذه الحياةِ إنّما هي ممرٌّ لدارٍ أخرى خالدةٍ؛ فما الحياةُ الدّنيا إلّا متاعُ الغرور.




الحياةُ كالمرأةِ؛ متقلّبة في فِكرها، ومشاعرِها، ونبضاتِها، فتارّة تُحِبّ وتارّة تكره، ومرّة تُقرّر، ومرّة تُبرّر، ونبضُها متحوّل بين الحين والآخر، فهي غريبةٌ وإن كان فيها من الجمالِ ما يجعلُها تفوقُ كثيراً من قريناتِها؛ لكنّما يعتريها نقصٌ فادِح ألا وهو أنّها غير ثابِتة؛ فالثّبات ركيزةٌ جميلة، ومن سِواها فهو ناقِصٌ؛ فهي وإن احتوت كلّ مصدر من الجماليّات؛ لكنّها تفتقِد إلى أهمّ محورٍ وهو الثّبات.




الحياةُ الدّنيا مخلوقةٌ كما خلقَ الله تعالى الإنسان؛ ومن لا يؤمِنُ بأنّ هذا الكونَ بما فيه من أرضٍ وسمواتٍ وإنسٍ وجانّ مخلوقٌ بقدرةِ قادر، وبفعلِ فاعِل؛ فهو إنّما طلّق عقلَه ووهبَه لكلبِه أو لقطّته الشّاردة؛ فهي تُسبّح لخالقِ الأرضِ والسّماوات الّذي خلقَ الموت والحياة، فالحياةُ الحقيقيّة في قلبِ البشريّ أو في عقلِه الدّماغيّ؛ فإنّما محرّكه الحبّ والقوّة والرّجوع إلى ملكٍ عظيمٍ، ألا وهو الله ربّ العالَمين.




الدّنيا بما فيها هالِكة؛ فأحسِن إلى من عرفتَ ومن تعرِف، فكلّنا محضُ أيّامٍ معدوداتٍ ونفنى، وكلّ شيءٍ في الحياةِ الدّنيا يبلَى، ويبقى وجه ربّك ذي الجلال والإكرام؛ لمن الملكُ الدّائم والحكمُ القائِم لله ربّ السّماوات والأرضِ وخالِق الكونِ أجمعَ، لذلك وجبَ على كلّ من في هذا الكون من حيّ أن يركع لله دوماً.




من قالَ أنّ الحياةَ ليست جميلة؛ بلى الحياةُ جميلةٌ جدَّاً إن كانت هادِئةً مطمئنَّةً في كنفِ الرّحمن، ووقتها تعجّ بالهناءِ والسَّلامِ والأمان، وتبسُم كلّ ذرّة في الكونِ أنّ السّعادةُ لقلبِ كلّ إنسان؛ فمن قال أنّ الحياةَ ليست جميلةً فليُراجِع حساباتِه؛ فالحياةُ وإن امتلأت بالألم والحُزن، لكن يبقى دائماً هناك بصيصُ الأملِ والنَّجاةِ والفرح، هذهِ الحياةِ سنةٌ من سُنن خالِقها؛ فإذا كنتَ سعيداً أو حزيناً؛ فأنتَ في مراحلٍ كما قلنا متقلّبة ولا تثبُت.




الدّنيا حُفرةٌ من حُفر الهضباتِ في هذه الأرض؛ ولو عرفَ النَّاسُ أنّها حفرةٌ وسيقعون فيها جميعهم إلى الموتِ يوماً من الأيّام؛ لما كانوا تهافتوا عليها وزرعوا فيها حتّى الأحلام؛ لكنّ الأمر المحتّم أنّنا بني آدمَ بشرٌ ونحلُم بكلّ ما هو جميلٌ، وقلّما تصدُق أحلامُنا إن لم تكن قيّمة.




الحياةُ كغابةٍ في ظلامِ اللّيل تمتلِئ بها الوحوشُ في كلّ فناء، ولا ضوءَ فيها ولا ضياء، والحيّ فيها هو النّاجي بكلمةِ التّوحيد الّتي جاءَ بها كلّ المرسلين والأنبياء، والهالكُ فيها الّذي ستأكله وحوشُ الجِنّ والإنس، والّذي سيقع فريسة لوساوس الشّيطان، فوداعاً لِمن أودعَ حياتَه في غيرِ رضاءِ الله عزّ وجلّ.




الحياةُ مسرحٌ كبير، وهو من أكبر المسارِح الكونيّة، وتتعدّد فيها شخصياتٌ كثيرة، وكلٌّ منّا يؤدّي دوره فيها بحذر، فمنّا من يكون حيَّ القلب وينتصِر باحترافٍ في أداءِ دورِه، ومنّا من يكونُ ميّتَ القلب ويخسَر في أداءِ دورِه، وكلّنا الآن نَعيش؛ فاخترْ دورَك بعنايةٍ، وحذارِ حذارِ من خِذلانِ الاختيار؛ فإنّه هلاكٌ لكَ ودمار.




عِباراتٌ عن الحياةِ الدّنيا



الذَّكيُّ من أمضَى حياتَه في الصَّالِح المفيد؛ فحياتُه ستغدو سعيدةً وهو في رحابِها سعيد.




الحياةُ بوَّابةُ الآخرة؛ فمن أصلَحها أصلح له الإله آخرَته.




الحياةُ لم تكن في يومٍ من الأيَّامِ صدفةً، بل قلبُك النّابض بين جنبَيك هو أدلّ الدّلائِل على حقيقةِ خلقِها بكلّ إتقانٍ وإحكام.




الحياةُ فكرةُ قلبِك تبنيها بنفسِك، وأنتَ تعيشُها كما شِئت.




الحياةُ سرّ من أسرار الخلقِ، ولا يعلمُها إلّا مَن عرفَ وآمنَ بربِّ الخلق.




الحياةُ وديعةٌ من ودائِع اللهِ للإنسان؛ فهنيئاً لمن حافَظ على ودِيعتِه بكلّ حبّ وعناية.




الحياةُ مِشكاةٌ من نور إن كانت مليئةً بالصَّالحاتِ والسّرور.




الحياةُ الهانئةُ هي الّتي يحيا فيها الآدميّ، وهو يحملُ في قلبِه أملاً بالعيشِ في المستقبلِ، ويسعى إلى التّعلُّم من الماضِي بشكلٍ أفضَل.




الحياةُ لا تحلو إلّا ببسمةِ طفلٍ رضيع؛ فهو فرحةُ الأمّ والأبِ والجميع.




الحياةُ أليمةٌ لما يعقبُها من تعوِيد، وليس لما يعقبُها من موت.




الموتُ بعد الحياةِ هو حتميّ، ولا مجالَ للنّقاشِ فيه، لكنّما النّقاشُ في كيف ترغبُ أن تموت.




من ظلّ في حياتِه على شيءٍ، ماتَ على الشيء نفسِه.




الحياةُ الحيّة، لمن كانَ قلبُه بالهُدى لا بالهوى حيَّاً.




كم هي الحياةُ عظيمة لمن أحياها بالعظمةِ في قولِه وفعلِه.




الحياةُ قاسِيةٌ إن كانت في غيرِ استقامةٍ؛ فالكرامةُ الحياتيّة في الاستقامة هي عنوانٌ للقلبِ الّذي يعيش بسلامة.




الحياةُ فِكرةٌ من أفكارِ الإنسان؛ كيفما استغلّها أثمر ونجح، وكيفما أهملها فشلَ وترَح.




الحياةُ دوَّامةٌ شديدةُ المعنَى، ولا يحياها إلّا القلبُ عظيمُ المبنى.




الحياةُ لعبةٌ في يدِ طفلٍ صغير، ولا تدوم لغنيّ كان أو فقير.




الحياةُ رسمةٌ جميلةٌ تُعبّر عن كلّ تفاصِيل المشاعِر في قلبِك.




الحياةُ وسيلةٌ للنّجاة في الآخرة، وهي من أعظمِ الوسائِل.




الحياةُ سيِّدةُ الخَلقِ، وكلّهم يعيشون فيها بقضاءٍ وقدر.




لو كانَ الإنسانُ يختارُ قدرَه، لاختارَ كلٌّ منّا حياتَه الآنَ ولا بُدّ؛ فحياةُ كلّ منّا هي إرادةٌ من الخالِق، وإن كنّا نختارُ أشياءً منها في كثيرٍ من الأحيان.




التَّمكينُ الحقيقيّ في الحياةِ، لا يكون إلّا للصّابر القويّ.




للهِ درّ قلبٍ حيّ في حياتِه يرجو حُسنَ عاقبَتِه ومماتِه.




الحِكمةُ في قضاءِ الله تعالى في خلقِ هذه الحياةِ، هو تحقيقُ العبوديّة له في القلبِ إيماناً، وفي العملِ تسليماً وإتقاناً، وفي القولِ صدقاً وعدلاً وإحساناً.