فرانز كافكا
كافكا هو كاتب تشيكي مولود في براغ، ويُعتبر من أشهر كتّاب القرن المنصرم، وقد كان الابن الأكبر لأسرةٍ فقدت جميع أبنائها منذ صغرهم، وقيل أنّ والده كن متسلّطاً، إلّا أنّه كان لتسلّطه هذا تأثير كبير عليه انعكس في أدبه ومؤلّفاته، فيما لم تكن علاقته مع والدته التي كانت تجهل كيفيّة العناية بأحلام ابنها وطموحاته جيدة، حيث عارضت رغبته في أن يصبح كاتباً، وفي هذا المقال باقة من الاقتباسات التي جاءت على لسان هذا الكاتب طوال حياته.
اقتباسات كافكا من رسائله إلى ميلينا
الآن فقط انقطع المطر الذي دام سقوطه يومين وليلة مع أنّ انقطاعه قد لا يستمر سوى لحظة، لكنّه مع ذلك حدثٌ يستحقّ أن يحتفل به المرء، وهذا ما أفعله بالكتابة إليكِ..إنّني أعيش هنا في خير حال، ولا يطيق الجسد الفاني مزيداً من العناية في شرفة غرفتي التي تطلّ على حديقةٍ محاطةٍ بسور تزدهر فيها الشجيرات المزهرة، وتتعرّض هذه الشرفة لأشعّة الشّمس، وتزورني في الغرفة السّحالي، والطيور، وأنواع مختلفة من الكائنات أزواجًا أزواجًا، إنّني أرغب رغبةً شديدةً في أن تكوني هنا.
أنا منهك، ولا أستطيع التفكير بأيّ شيء، وأمنيتي الوحيدة هي أن ألقي رأسي في حضنك وأشعر بيدك فوقه، وأظلّ هكذا مدى الحياة.
ما أخافه وعيناي مفتوحتان على اتّساعهما بعد أن غرقتُ في أعماق خوفي عاجزاً حتّى عن محاولة النجاة هو تلك المؤامرة التي تقوم في داخلي ضدّ ذاتي، تِلك المؤامرة وحدها هي ما أخشاه، وهذا ما ستفهمينه بصورةٍ أوضح بعد قراءة رسالتي إلى أبي، وإن كنتِ لن تفهمي ذلك منها تمام الفهم مع ذلك؛ لأنّ تلك الرّسالة قد وُجّهت في إحكامٍ بالغ نحو هدفها.
ميلينا أنت بالنّسبة لي لست امرأة، أنت فتاة، فتاةٌ لم أر مثلها أبداً من قبل، ولست أظنّ لهذا أنني سأجرؤ على أن أقدّم لك يدي أيّتها الفتاة، تلك اليد الملوّثة والمعروقة المهتزّةِ المتردّدة التي تتناوبها السخونة والبرودة، أتعلمين يا ميلينا إنّك عندما تذهبين إليه (يقصد زوجها) فإنّك بذلك تخطين خطوةً واسعةً إلى أسفل بالنسبة لمستواك، لكنّك إذا خطوت نحوي فسوف تتردّين في الهاوية، هل تدركين ذلك؟.
ما شكل تلك الشقّة التي كتبت لي منها يوم السبت؟ هل هي فسيحة وخالية، هل أنت وحيدة نهاراً وليلًا؟، لا بدّ أن يكون هذا محزناً حقّاً على الرّغم من صِغر حجرتي، فإنّ ميلينا الحقيقيّة تلك التي زايلتك صراحةً يوم السّبت توجد معي هنا، وصدّقيني إنّه شيءٌ رائع جداً أن أكون معها، ستكون كذبة بالنّسبة لي لو قلت إنّني أفتقدك، إنّه السِّحر الكامل المؤلم إنك توجدين هنا مثلما أنا هنا، إنّ وجودك مؤكّد أكثر من وجودي، إنّك تكونين حيث أكون، فوجودك كوجودي، و أكثر كثيراً من وجودي في الحقيقة.
إنّني أرتعش فحسب تحت وطأة الهجوم، أعذّب نفسي إلى درجة الجنون، في الحقيقة حياتي وجودي، وإنّما يتألّف من هذا التهديد السّفلي، فلو توقّف هذا التهديد لتوقّف أيضاً وجودي، إنّها طريقتي في المشاركة في الحياة، فلو توقّف هذا التهديد، سأهجر الحياة بمثل سهولة وطبيعية إغلاق المرء لعينيه.
يجب أن تتدّبري أنت أيضاً يا ميلينا نوع الشّخص الذي خطا نحوك، إنّ رحلة الثمانية والثلاثين عامًا تستلقي خلفه، ولمّا كنت يهودياً فإنّ الرّحلة في حقيقتها أطول بالفعل من ذلك، فلو أنّني عند مُنعطفٍ عارض تبدًى لي في طريقي، قد رأيتك أنت التي لم أتوقّع أن أراك مطلقًا، وأن تجيء رؤيتي لك فوق ذلك متأخّرة إلى هذا الحدّ، عندئذٍ لا يمكنني يا ميلينا أن أصبح ملوّحًاً لك، ولا أن يهتف لك شيء في داخلي، ولا أن أقول آلاف الأشياء الحمقاء الّتي لا أجد لدي شيئاً منها، وأحذف الحماقات الأخرى التي أحسّ أنّ لدي منها ما يزيد عن حاجتي.
اقتباسات كافكا من رواية المسخ
هل كان حيواناً إذا كان للموسيقى كل هذا التأثير عليه؟ لقد كان يحسّ كما لو كان الطريق قد انفتح أمامه إلى الغذاء المجهول الذي كان يشتهيه.
ورغم كلّ الضّيق لم يستطع عند هذه الفكرة أن يكبت ابتسامة.
فإنّ فكرةً من الأفكار لا يمكن أن تنقرض مهما كانت متطفّلة ما دامت قد وُجدت ذات مرة، أو إنّها لا يمكنها على الأقل أن تنقرض دون صراعٍ رهيب، ودون أن تتمكّن من أن تحقّق لنفسها دفاعاً فعالاً ينجح في أن يثبت طويلاً.
ولا شكّ أن آبائنا الأوّلين عندما أخطأوا لم يكونوا قد توهّموا على الأغلب أدنى وهم بأنّ خطأهم ذاك كان خطأً لا نهاية له.
استيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلامٍ مزعجة، فوجد نفسه قد تحوّل في فراشِه إلى حشرةٍ هائلة الحجم.
شعر غريغور أنّ عمله كحشرة أكثر إزعاجاً من العمل البشري، لكنّ الذّهاب إلى العمل البشري في جِسم حشرة يتطلّب قبل أن يوجد من يساعد الحشرة على الوقوف الأم،الأب، الأخت توجد العائلة دوماً على حدود الحيوان فينا كي نلتحق بعالم الإنسان، فالعائلة مركز حراسة حدودي يؤمّن التحاقنا بالحياة اليوميّة في الوقت المناسب.
اقتباسات كافكا من رواية القلعة
القرارات الإداريّة خجولة كفتاةٍ شابة.
إنّ مِقدار العمل لا يحدّد درجة أهميّة القضيّة على الإطلاق.
لعِبَ مع أحلامه، وأحلامه لعب.
رجلٌ يعمل بجرأة في جهله.
اقتباسات منوّعة لكافكا
سيكون من الغباء معاندة النوم؛ فهو أكثر ما يُشعرنا بالبراءة، فالشّخص الّذي يهجُره النّوم هو شخصٌ مُذنب.
أنت مرغمٌ على العيش مع جماعةٍ من المنافقين، والموهومين، والكذّابين مع عدم وجود طاقةٍ تكفيك لاحتمال كلّ هذه السفاهات.
الحياة حرب، حربٌ مع نفسك، وحربٌ مع ظروفك، وحربٌ مع الحمقى الذين خلقوا هذه الظروف.
لست كثير النّسيان، فأنا ذاكرةٌ دبّت فيها الحياة، ومن هنا يأتي الأرق أيضاً.
يا لهُ من مجهودٍ أن تكون على قيد الحياة، فبناء نُصبٍ تذكاري لا يتطلّب هذا القدر من القوّة والجُهد.
إنَّ العالَم الَّذي فِي رأْسي، أكبَر مِن العَالم الّذي رأسِي فِيه.
لا سماء هذا المساء، لا سهرَ، لا مدينة، لا بلدْ، أجلسُ في آخر العمر متّكئاًً على وحدتي شارداً في لا أحدْ.
النهوض المُبكّر مِن الفراش هو مَا يَجعل المرء مُكتئباً تَماماً.
إذا كان هُناك مَا هو أشدُّ خُطورةً من اﻹفراط فى المُخدّرات، فمِن دون شك هو اﻹفراط في الوعي، وإدراك اﻷشياء.
لا يمكنني أن أحمل العالم على كتفي، فأنا لا أكاد أحتمل عبء معطفي الشتوي فوقهما.
إذا كان الكتاب الّذي نقرأه لا يوقظنا بخبطةٍ على جمجمتنا، فلماذا نقرأ الكتاب إذاً؟.
إنّ الهدوء هو كلّ ما أريده، ولكن ذلك الهدوء الّذي يتخطّى إدراك البشر.
أحسّ أحيانا أنّني أحمل وزناً ثقيلاً يشدّني إلى الأسفل، إلى قاع البحر في دقيقة، وكلّ من يُحاول أن ينقذني أو يمسك بي سيتخلّى عنّي، ليس لضعفٍ منه أو يأس؛ وإنّما بسبب الانزعاج الكبير.
إنّها لحياة مزدوجةً حقّاً، لا أظن أنّ هناك مخرجاً منها سِوى الجنون.
يعلم الله أنّي حاولت أن أكون مثلكم أيّها الغارقون في القطيع، وها أنا يائس، يائسٌ ومشوّه بالكامل، مخنوقٌ وكأنّما أحدهم حشر السماوات في حلقي.
لا أستطيع تخليص نفسي من الشّعور بأنّني لستُ في المكان المناسب.
كان يعيش في بلدٍ لم يكن بالإمكان فيه فعل شيءٍ آخر سوى الاستمرار بالمشي، والاستمرار بالتيه.
أشعُر بأنّ حياتي مِثل شارِعٍ في فصل الخرِيف، كُلّما تمّ تنظيفه يعود مرّةً أُخرى مُمتلئاً بالأوراق الجافّةِ الذّابلة.
في النّهاية ليس بيدك إلّا أن تقبل الأشياء كما هي، وقبل هذا وذاك لا تلفت الأنظار إليك، أبقِِ على فمك مغلقاً مهما كان ذلك ضدّ طبيعتك، فقد وجب أن تفهم أنّ وراء هذا النّظام العظيم للعدالة حالةً من التوازن.
إنّي أخاف الارتباط، وأخاف فقدان ذاتي في كائنٍ آخر؛ لأنّي لن أصبح وحيداً بعد ذلك.
إذا متّ في المستّقبل القريب، أو أُصبت بالعجّز التّام، فسيكون لي أن أقول أنّي مزّقت نفسي بنفسي، الدّنيا وأنا اثنان مزّقا كليهما، جسمي في صراعٍ لم يكن من الممكن التغلّب عليه.
البعض يرفض الآلام الّتي تسبّبها الشّمس، أما هو فيرفض الشّمس الّتي تسبّب الآلام.
إنّ ساعاتي الجيّدة لا تمتلك الوقت، أو الفرصة كي تعيش مع ذاتها على نحوٍ طبيعي، أمّا ساعاتي الرديئةَ بالمقابل فتمتلك أكثر ممّا تحتاج.
لم يكن هذا خداعاً، وإنّما مجرّد شكلٍ خاصّ من الإدراك أنّ لا أحد بين الأحياء على الأقل، يستطيع أن يتخلّص من ذاته.
ما أجده هو أنّك تتجسّد في صورة شخص مريض عقلي، لتختبئ في الفراغ في مستشفى المجانين، لتحدّق في اللّانهاية كالأبله.
الحُبّ ليس مشكلة، كما أنّ العربة ليست مشكلة، وحدهم السائقون، والرّكاب، والطّريق هم المشكلة.
سوف أكتب رغم كلّ شيء، سوف أكتب على أيّ حال، إنّه كفاحي من أجل المحافظة على الذّات.
وحدي لا يمكنني أن أمضي في الطّريق الّذي أريد المضيّ فيه، وفي الحقيقة لا أستطيع حتّى أن أريد أن أمضي فيه، باستطاعتي فقط أن أهدأ، لا أستطيع أن أرغب في أيّ شيءٍ أصلاً، كما أنّني لا أريد أيّ شيءٍ آخر.