الحبُّ من طرَفٍ واحِد

الحبّ من طرفٍ واحدٍ هو أقسَى معانِي الحبّ، وأسوأ مشاعِر القُرب، فهو أليمٌ شديد لا يتحمّله إلّا قلبُ المُحِبّ العاشِق، الحبّ من طرَفٍ واحدٍ يُهلِك الشّعور، ويُطفِئ كلّ جماليّات النّور، وفيه يستاءُ القلبُ من شدّةِ الوَجد، وتهترِئُ الرّوحُ من ألمِ المُجافاة، الحبُّ قاسٍ وإن كان من طرفَين؛ فما بالُك بالحبّ النابع من قلبٍ واحد، فالقسوةُ الحقيقيّة الذي يعانيها العاشق حينها كألم طير ذُبح في أعالي السماء، فضاقت به الحياةَ من كلّ الأرجاء، وفي هذا المقال بعض ممّا قيل فيه.


كلامٌ في الحبِّ من طرّفٍ واحدٍ



الحبّ من طرف واحد هو أن تغار على أحدهم دون علمه، وتحبّه وهو ليس لك.




لا بُدّ أن يكونَ الحبُّ شيئاً متبادلاً بين طرفين ليطوّق مفهوم السعادة، أمّا الحبّ من طرف واحدٍ فتعاسةٌ ليسَ لها نهاية.




من أصعبِ أنواع الحبّ أن تُحِبّ شخصاً بكلّ ما أوتيتَ من مشاعِر، ثمّ تراهُ لا يهتمّ بك، ولا يقلقُ لأجلِك.




مذاق الحبّ التي ينشأُ من طرفٍ واحِد، تكونُ دوماً مُرةً حامِضة.




بلى ليسَ الحبّ بكثرةِ الرؤية، إنّما الحبُّ رسالةُ الصّباح، لكن لا هذا ولا هذا، فالقلبُ معك لا يهنأُ بارتياح.




إذا رحلتَ عن قلبي لا تُريد الحبّ الآن؛ فلا تقلق أنا بانتِظارِك في كلّ زمانٍ ومَكان؛ أنتظِرُ أن أحبّك من جديد، وأن تُحِبّني وأنتَ راضٍ سعِيد.




الحبُّ حاكِم وليس حكمَاً في مباراتِنا الخاصّة؛ فإمّا أن نُحِبّ بعضَنا بعضاً ونفوزَ معاً، وإمّا أن يحبّ أحدنا الآخر ويخسر نفسه.




الحبّ الحقيقي شاعِرٌ أقسمَ على نفسِه ألّا يعشَق إلّا إذا عُشِقَ.




الحبُّ منّي فحسبُ هو دمعةُ طفلةٍ حزينة تروي بها أنينَ عطشِ الزّهور.




الحبُّ بؤسٌ وجحيم إن كنت أهواك، وأنتَ لا تهوانِي بقلبٍ سليم.




الحبُّ من طرفٍ واحِدٍ داءٌ ليسَ له أبداً مهما بحثتَ دواءُ.




الحبُّ منكَ وحدَك بلغ معناه المستحيل، فصار بسمةٌ حزينةٌ بعد أن كان قهقهات أطفال في عيد.




الحبُّ من طرفٍ واحِد، كالغُصنِ السّاقِط من بينِ كلّ الأغصانِ، لا يشعُر بالأمان والحنان، ويكأنّه يعيشُ بالجحيم، ألمٌ ألِيم، قصّة حبٍّ فاشِلة، ولا تهنأُ بالسّلام؛ فهي متقلّبة من مكانٍ إلى مكان، الحبُّ من طرّفٍ واحدٍ كالحربِ الخاسِرة، وكالمياهِ الرّاكِدة، كالزّهور الذّبلة، وكالعين السّاهرة، الحبُّ من طرفٍ واحدٍ لا يُسمّى حُبَّاً؛ لأنّ الحبَّ يكونُ فحواهُ سليماً، ومبناهُ قويماً بين طرفَين عاشِقَين.




الحبُّ من طرفٍ واحدٍ هو سيرةٌ كئيبةٌ، فيها يلقى قلب المحبّ هيامه وتعذيبه، إنّها سجّل من الآلامِ والأحزان، وقصة احداثها من القسوةِ والأشجان، فالحبيبِ يعيش بالبؤسِ طالما يشعرُ بالبُعدِ عن محبوبِه؛ فما بالُكَ بعدمِ الحُبّ وترياقُ البُعدِ، والأسَى الموسومِ بالتمنّع، والمليءِ بكلّ معانِي المستحيل!.




الحبُّ من طرّفٍ واحدٍ يُشكّل عائِقاً ألِيماً في قلبِ المُحِبّ على محبوبِه؛ فكلّما حاولَ النّسيانَ طرأَ له ذاك العائِقُ وبدا فيلماً رومانسيَّاً ليس فيه إلّا بطلٌ واحدٌ وهو العاشِقُ من طرفٍ واحد، الذي كلّما ولّى وجهه في ناحيةٍ رأى صورةَ معشوقِه تتماثل بين الحينِ والآخر أمامَه، حقَّاً إنّها كارِثةٌ ليسَ لها أصلٌ وفصَل.




قسوةُ الزّمان تأسِرُ القلوبَ العاشِقة، فتهوِي بها في أزِقّة طُرُقاتِ المارِقة، ألمٌ يعصِرُ القلبَ فيُمزّقه تمزِيقاً، شعورٌ بالوِحدةِ يفرّق الرّوحَ تفريقاً، وحُرقةٌ في أنفاسِ الهمسِ تحرِقُها حريقاً، آهٍ من ألمِ العيشِ بوحدةِ الحبِّ آهٍ، آهٍ وقلبُ المُحِبّ أسيرٌ في دوّامةِ كالحربِ.




الحُبُّ من طرفٍ واحدٍ مُضنٍ يُقطّع أواصِر القلبِ كلّ يومٍ بيومِه، كالجُنونِ الذي لا شفاءَ منه، وهلوسةٌ غريبةٌ تكسُو الكيانَ بشكلٍّ مُخِيف، وهو إحساسٌ قاتِل، وجريمةٌ بحقّ القلبِ لا تُغتفر، فالمحبوب فيه لا يحسّ ولا يشعر، ويكأنّه خيالٌ ليسَ مُعتَبَر، الحبُّ قاسٍ يا حبيب، الحبُّ من طرف واحد ألمٌ لا يُغادِره المحبوب إلى شفاءٍ، ويلقى فيه العناء.




يحلو المحبوب المتمنّع كل يوم في عينِ العاشِق الهائِم، ويبعُدُ عنه النوم والراحة، فلا يرَى إلّا الآمَ والأحزان، ومحبوبه وسطها كزهرة جميلة في بستان، هو لا بدّ غفلةٌ تكوِي المشاعِر، كسراب مكذوب يراه في الصحراء الناظر، يمشي على تعبه متمنياً أن يطوله فلا يزداد رغم تعبه إلّا عطشاص وتمني.




الحُبُّ من طرفٍ واحدٍ كتقاسِيمِ أنثَى حزينةٍ سرقتها الأيّام من محبوبِها، الحبّ من طرفٍ واحِدٍ كروايةٍ ماتَ بطلُها من أوّل حلقةٍ، الحبّ من طرّفٍ واحدٍ كَمسرحيةٍ كوميديّةٍ يؤدّى فيها الهَزارُ كالبكاءِ، الحبُّ من طرفٍ واحدٍ لا يُروَى ولا يُحكَى، وكأنّه فقدٌ أمضَى من السّيف، وشعلةٌ أخفى من لونِ الطّيف، الحبُّ من طرفٍ واحدٍ ينهشُّ القلبَ بكلِّ ألمٍ ويُدمّرُه، الحبُّ من طرفٍ واحدٍ يُفتّتُ العِظامَ ويُشعلُها ناراً، ومعه تهتفُ الرّوحُ بالخرابِ دماراً، الحبُّ من طرفٍ واحدٍ موتٌ بطيءٌ ليسَ له تفسيرٌ إلّا الهلاك.




الحبُّ من طرفٍ واحد يصدأ مع الوقت كما يصدأُ الحديد، لكنّه لا يموت.




خواطِر عن الحبّ من طرفٍ واحِدٍ



في كلّ يومٍ أحاوِل تجديدَ العهد بيننا لكنّكِ أبداً تُصرّينَ على الابتِعاد عنّي، لقد أضنانِي هذا البُعدُ، وأشقانِي فليسَ لي وجهٌ للسّعد، يا شمعةَ أيّامِ حياتِي، ألن تُحِبّينني! أما تريْن قلبي كيفَ يسقُطُ في حضرةِ رؤيتِك! وإنّ أكثر ما يؤلِمُني هو بسمتُكِ للجميع إلّايَ، ماذا فعلتُ كي يُرتَكبَ كلّ هذا الكُرهِ بحقّي؟ أعتِقيني فإنّي سجِينٌ في سِجنِ غرامِك، وأنقِذيني فإنّي غارِقٌ في سُفنِ أحلامِك، لا تنسَيْ قلبِي من حنانِك يا مُهجتَه ويا بهجتَه، وائذني لي قليلاً باحتِضانِك.




العشِقُ آلَمني، والوَجدُ أغرَقَني، والهوى أعيانِي، والضّنا أنسانِي من أنا ولمَ أنا أسكنُ عالمَ أمانِك؟ كلّما رأيتُك وأنتِ تشرُدين بقلبِك عنّي كالغَزال، لمَ تفعلينَ بي ما لا يفعلُه الرّجال! هذا مُحرّمٌ في حضرةِ عشِقِنا يا أملَ الوِصال، متى سيحينُ حُبّك لي أم هذا مُحال! أأقولُ للجبالِ أنّني أهوى ذلِكم الغَزال؟ أم أقولُ للصحاري والرّمال احفرنَ لي اسمها بينكنّ فإنّ عشِقي لها قد طال! أخيراً سأُعلِنُ للعالمِ حبّي لكِ، وإن بقيتِ تكرهينَني فأنا سأبقَى لكِ، وأبقَى أهواكِ إلى أمدٍ لن ينقضي، ولربّما سأكونُ وقتها بطلاً في روايةٍ خيال.




هذهِ خاطِرتي الأخيرة لكِ أرجوكِ أنا أموتُ رويداً رويداً بالبُعدِ عنكِ، وأحترقُ كلّ يومٍ بما ألقه من صدٍّ منكِ، أرجوكِ آما حانَ لقلبِك أن يُحِبّني؟ ماذا أفعلُ لترويضِ قلبِي كي ينساكِ، إنّه لا ينامُ إلّا وهو غارق بهواكِ، فلا تجِفّ عينُه دمعاً على ضياعِ بهاكِ، ولا يحيا أبداً كبقيّة القلوب، بل يموتُ كلّ يومٍ ألفَ مرّة وهو حائرٌ في متاهاتِ رؤياكِ.