رد الجميل
تزهر الورود فتزيّن طريق من يسقيها، وتثمر الأشجار فتكون زاداً لمن يعتني بها، وكذا كل ما حولنا من موجودات في هذا الكون تسير وفق قانون بسيط، فمن يقدّم خيراً لا بدّ له أن يلقى خيراً ولو بعد حين، وإن كان ثمّة هناك من يجب أن يحفظ المعروف ليردّه لأصحابه فالإنسان أولى المخلوقات بذلك، فما أجمل أن نصنع المعروف لبعضنا وما أجمل أن نردّه أضعافاً.
أقوال في ردّ الجميل
لا بدّ أن يحفظ الإنسان جميل من قدّم إليه الخير يوماً ليردّه له إن استطاع، وفي ذلك قيل ما يأتي:
ربّ شخص احتوى خيرك أمانة بين الضلوع، وحارب ليردّه إليك حتى النفس الأخير.
أرقى النفوس هي تلك التي لا تنكر المعروف رغم الخلاف.
مَن يزرع المعروف يحصد الشكر.
الشعور بالعرفان وعدم التعبير عنه كتغليف هدية وعدم تقديمها.
إذا انتظرت من الناس رد الجميل فسيطول انتظارك، ضع دائما في بالك (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً).
ليس أسوأ من شخص إذا وجد البديل أنكر الجميل.
ناكر الجميل هو كأعمى كسر عصاه بعد أن أبصر.
ليس هناك أجمل من قلب يقدّر النعمة، ويحفظ الجميل ليردّه على أجمل وجه.
مَن لا يشكر الناس لا يشكر الله.
مَن يحفظ الجميل يكسبه مجدداً.
إن لم تكن قادراً على ردّ الجميل، فكن أرقى من أن تنكره.
لا تنسَ من أسعدك بالأمس إن وجدتَ من يسعدك اليوم.
الشكر كلمة خفيفة الوقع على اللسان، عظيمة الأثر في قلب الإنسان، تجرُّ الإحسان بالإحسان.
لا تقلل الحسنة من شأن من يستفيد منها ولا تلزمه بروابط الشكر والامتنان بما أنّها ليست مدفوعة من أجله، وإنّما من أجل الله للتقرب منه، إنّما هي تعبير عن حفظ المعروف بين الناس.
إن شر ما في النفس البشرية هي أنّها تعتاد الفضل من صاحب الفضل فلا تعود تراه فضلا!
رد الجميل دين على ظهر الأصيل.
لكل شيء شرف، وشرف المعروف ردّه.
لاَ يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمتع بشيء منه، وقد تدرك من شكر الشَاكر أكثر مما أضاع الكافر.
إيّاك تجني سكرا من حنظل فالشيء يرجع بالمذاق لأصله.. فِي الجوِ مكتوبٌ عَلَى صحف الهوى من يعمل المعروف يجز بِمثله.
وبعض البشر يفوقون أولئك الذين قدموا لهم الجميل جمالاً في ردّه لهم.
كن كالأزهار التي تُسقى فتُزهر، وكالأشجار التي تُزرع فتثمر، ردّ الجميل إلى أصحابه وزد عليه وكثّر.
الشعور بنكران الجميل ممن تحسن إليه سم تذوي عليه فضائل الروح.
يظلّ الحرّ مديناً لمن أسدى إليه المعروف حتى يردّه إليه.
أقوال في صنع المعروف
يحمل بعض البشر في قلوبهم نقاء يدعوهم لمساعدة الغير دوماً، وكان ممّا قيل في هذا ما يأتي:
لا يُجمّل المعروف إلّا ثلاث: أن يكون بغير طلب، وأن يأتي من غير إبطاء، وأن يتمّ من غير منّة.
صانع المعروف لا يقع، ولو وقع لا يأتي إلّا واقفاً.
إذا صنعت معروفاً فاستره وإذا صنع معك فانشره.
من يزرع المعروف يحصد الشكر.
صنائع المعروف تقي مصارع السوء.
فعل الخير حسن، والأحسن منه ستره.
مَن سار جابراً للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر.
أفضل المعروف إغاثة الملهوف.
كل معروف صدقة.
في صنع الخير يكمن طعم الحياة الحق.
المعروف كنز فانظر عند مَن تودعه.
مَن يعطي بسرعة يعطي مرتين.
صنع المعروف يورث المرء الشعور بالسكينة والرضا.
مَن يصنع الخير لا يُعدم جوازيه، لا يذهب العرف بين الله والناس.
إنّما يبدر فعل الخير عن خير في النفس منذ الصغر قد تأصّل.
في صنع الخير طعم للسعادة لا يعرفه المرء إلّا عندما يتذوّقه.
اعمل الخير لأصدقائك يزيدوك محبة، واعمل الخير لأعدائك ليصبحوا أصدقاءك.
لا يندم على فعل الجميل أحد ولو أسرف وإنما الندم على فعل الخطأ وإن قل.
ارمِ بذور الخير أينما حللت، فلا بدّ لها أن تزهر يوماً وتعود لك بطيب الأثر.
عبارات للاعتراف بجميل الآخرين
يحتاج الإنسان لبعض العبارات الجميلة التي تحمل في طيّاتها فيضاً من المشاعر المعبّرة عن الشكر، ومنها ما يأتي:
- أمّي..يا من يخجل القلم وتتدثّر حروف الأبجدية حياء عند الحديث عنكِ، كيف أردّ جميلك الممتدّ منذ ما قبل ولادتي، أمّي يا من إن قلّدتك عمري وساماً، ووهبتكِ روحي فداء، وأهديتكِ صحتي ما وفيتك لحظة قلق أو ألم أو حزن كنت بها سبباً، أمّي وكل اللغة تقف عاجزة عن شكرك ليس لرد عرفانك، وكل أفضالك سبيل سوى أن أشكرك من أعماق هذا القلب، وأن أضعك على الرأس تاجاً بقية العمر.
- كيف لي أن أرد جميل رجل مثلك يا أعظم الرجال، أيّها السند، والمعيل، والصاحب، والحارس الأمين، كل الحواس تضجّ بحبّك، وترغب في تقديرك وتقديرك كما يجب، لكنّها تقف عاجزة أمام عظيم ما صنعته لي طوال عمرك، وجودك وحده في حياتنا عرفان، أبي الغالي، لا أملك إلّا قلباً لو أهديتك إيّاه لتعجبت ممّا يحمله لك من حبّ.
- إنّ السبيل إلى شكرك وردّ جميلك الذي أغرقنا يا معلمي مقطوع، فكيف أردّ جميلك يا نبراساً أضاء لنا عتمة الدرب، ويا يدا حانية أمسكت أيدينا بلطف وسارت معنا تعلمنا معنى الحياة؟ وكيف لتلميذ متواضع مثلي أن يطول قامتك العالية ليقبلها ألفاً لما قدّمته لنا، ستظل تلك الأبجدية التي علمتنا إيّاها معلمي قادرة على كل شيء، عاجزة عن شكرك وتقديرك كما يجب، فتقبّل منّي كل الحب.
- تتسابق الكلمات، وتتزاحم العبارات، لتنظم عقد الشّكر الذي لا يستحقه إلّا أنت، فمن كان يملك صديقاً مثلك، فكأنما حيزت له الدنيا بفرحها وجمالها، فأنت صديق بنكهة الأخ، ورفيق درب أنار لي عتمة الطريق، أحبّك وأتمنى لو أني أملك طريقة أرد لك فيها جميلك يا أروع ما رزقني إيّاه المولى.
أشعار في المعروف وصنائعه
قال الشعراء في صناعة المعروف وجزائه، وكان مما قالوا الآتي:
المرء يُعرف فِي الأَنَامِ بِفِعْلِهِ
وَخَصَائِل المَرْءِ الكَرِيم كَأَصْلِه
اصْبِر عَلَى حُلْوِ الزَّمَانِ وَمُرّه
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ
لا تَسْتَغِيب فَتُسْتَغابُ وَرُبّمَا
مَنْ قَال شَيْئاً قِيْلَ فِيْه بِمِثْلِهِ
وَتَجَنَّبِ الفَحْشَاءَ لا تَنْطِقْ بِهَا
مَا دُمْتَ فِي جِدّ الكَلامِ وَهَزْلِهِ
وَإِذَا الصَّدِيْقُ أَسَى عَلَيْكَ بِجَهْلِهِ
فَاصْفَح لأَجْلِ الوُدِّ لَيْسَ لأَجْلِهِ
- وقال الشافعي:
- وقيل أيضاً: