الكَلامُ المُنمَّق

الكلامُ المَنمّق هو الكلام المُزَخرَف أو المُنتَقى بِعناية أو الكَلام الفلسفيّ، ويُقال للتّعبير عن فِكرة أو خاطِرة أو حالة أو موقف بطريقة يُقال عنها أحياناً دبلوماسيّة، ويُعدّ الكلام المنمّق طريقة راقية لطرح الفكرة أو إدارة النّقاش بألفاظٍ موزونة، وتتَّسِم في أغلب الأحيان بِالبَلاغةِ والحِكمة، ويوصف هذا الكلام في بعض الأحيان بأنّه مُجاملة، وهو يرتكز على الأسلوب الرّاقي في طرح الفِكرة أو إدارة الحِوار بشكل أنيق دون تجريحٍ لأحد.


كلامٌ مُنمّق عن الذّات والحنينُ إلى الماضي



وَردَةٌ جَافَّةٌ مُبَعثَرة الأورَاق عَثرتُ عَليها وَراء صَفٍّ مِنَ الكُتُب وَأنا أُعيدُ تَرتيبَ مَكتَبتي؛ ابتَسَمت، وانحَسَرت غيابَاتُ المَاضِي السَّحيق عَن نورٍ عَابِر، وأفِلَت مِن قَبضَةِ الزَّمَن حَنينٌ عَاشَ دَقائِقَ خَمس، ونَدّ عَنِ الأوراق الجَّافَة عَبيرٌ كَالهَمس، وَتَذَكَّرتُ قَولَ الصَّديقِ الحَكِيم: قُوَّةُ الذَّاكِرة تَنَجلي فِي التَّذكُّر كَمَا تَنجَلي فِي النِّسيان. (نجيب محفوظ)




إذا قُدِّرَ لَكَ أن تَعيش وَحيداً لِفترَةٍ مِنَ الزَّمن، فَسوفَ تَعتاد التَّحديقَ في أشياءَ مُختلفة، وتَتحدَّثُ إلى نفِسك أحياناً، وتَتَناوَل الطَّعام في مَناطِق مُزدَحِمَة، وتُطوِّر عِلاقةً حَميمةً مع سيَّارتِكَ السُّوبارو المُستَعملة، وإنَّكَ بِبُطءٍ ولكِن بِثَبات سَوفَ تُصبِحَ شَيئاً مِنَ الماضي. (هاروكي موراكامي)




إلى المُستَقبَلِ أو المَاضي، وإلى الزَّمن الّذي يَكونُ فِيهِ الفِكرُ حُرَّاً طَليقاً، وإلى زَمَنٍ يَختَلِفُ فيهِ الأشخاصُ عِن بِعضِهِم، وَلا يَعيشُ كُلٌّ مِنهُم في عُزلَةٍ عَن الآخر، وإلى زَمَنٍ تَظَلُّ الحَقيقَةُ فيهِ قائِمةً وَلا يُمكِن لأحَدٍ أن يَمحو مَا يُنتِجَه الآخَرون، وإليكُم مِن هذا العَصر الذي يَعيشُ فِيهِ النَّاسُ مُتشابِهين مُتناسخين، ولا يَختَلِف الواحِدَ مِنهُم عَنِ الآخر، فمِن عَصرٍ العُزلَة، ومِن عَصر التَّفكير المُزدَوَج تَحيَّاتي. (جورج أورويل)




أتَمَنَّى أن يَقتَنِعَ جُزءٌ مَا في دَاخلي أنَّهُ لا يُمكِنُني العَودَةُ إلى المَاضي، وَلا إعَادَة عَقَارَب السَّاعة إلى الوَراء، وأن يَكُفَّ عَن رَسمِ سِيناريَوهَاتٍ لَم تَحدُث وَلَم يَعُد بِإمكانِها أن تَحدُث حَتَّى وَإن كَانَت تُسعِدُه، لأنَّها تُدميني عِندَما تَنتَهي إلى لا شَيء، وأتَمنَّى أن يُوقِن ذَلِكَ الجُزء المُوغِل في قَلبي أنَّ الزَّمن يَسيرُ باتِّجاهٍ وَاحِد، وأنَّهُ لا شَيء أصعَبُ عَلى الإنسانِ مِن أن يَحلُم بِماضٍ لَن يَعود، وأن يَفعَلَ ذلِك في كُلِّ لَيلة. (ديك الجِنّ)




بِقَدرِ مَا تَطولُ علاقتُنا بالشِّعر نَتمَكَّن مِن مُغالَبَةِ الخِواء الدَّاخلي، وبِالشِّعر كَما بِالموسيقَى نُلامِسُ شَيئاً مَا جَوهريَّاً، وفِي الشِّعر يُستَبعَد الزَّمن فإذا أنتَ خَارِج الصَّيرورَة، المُوسيقى والشِّعر غَيبوبَتانِ مُتَسامِيتان. (إميل سيوران)




مَاذا تَفعَل حِينَ تَعيشُ في ثَقافةٍ لا تقدر -بِطَبيعة ذَاتِها- أن تَنظُر إلى المُستَقبَل إلّا بِعين المَاضي، وَلا تَقدِر أن تَرى فِيه أكثَرَ مِن كَونِه مَجالاً لِتجَلِّي المَاضي بِبَهائِهِ اللّانِهائِي، بِحَيثُ لا يَكونُ الزَّمنُ المُقبِل كُلّه إلا مُناسَبَةً لِتُحيي مَا مَضَى؟ (أدونيس)




تَتَعارَكُ سَمَكتَانِ عَلى عُشبَةٍ طَافِية دَاخِل مَعِدَة حوت، والأحمَاضُ تُحَلِّل الثَّلاثَة؛ السَّمكتَانِ وَالعُشبَةُ الطَّافية، والجميعُ حَتَّى الحُوتِ الكَبِير مُجَرَّد وَجبَة عَشَاءٍ في بَطنِ الزَّمَن. (أحمد سَعداوي)




تَوَدُّ لَو تَعرِف لِماذا أصبَحتُ صَريحَاً هَذِه الصَّراحَة كُلّها؟ ألا فاعلَم إذَن أنَّني إنَّما أصبّحتُ كَذلِك لأنَّ كُلَّ شَيءٍ قَد تَغيَّر الآن، فَالمَاضِي قَد انتَهى، والمَاضِي قَد دُفِن، وإنَّنِي غَيَّرتُ رَأيي فِيكَ فَجأةً، قَطَعتُ الصِّلة بِمَناهِجي القَديمة، ولَن أُعَرّضَكَ للارتِباك بَعدَ اليَوم بِطرائِقِي القَديمة، وإنَّني أسيرُ في طَريقٍ جَديدَة. (فيودور ديستويفسكي)




‏يَقُودُنا تَأمُّلِ الذَّات -وَلَو مَرَّةً واحِدة فِي العُمر- إلى فَحصِ ظُروفِ مِيلادِنا، لِمَاذا ولدني هذا الرُّكنِ مِنَ العَالَم وَفي هَذا الزَّمنِ تَحديداً؟ إنَّ هَذِه العَائِلاتِ الّتي وُلِدنَا فِيها، وهَذِه البِلاد وَالمُدُن الّتي جَعَلَها القَدرُ مَِن نَصِيبنا، تَتَوقَّع مِنَّا الحُبّ فَنُحِبُّها في النِّهايةِ مِن أعمَاقِ قُلوبِنا، ولَكِن هَل كُنَّا نَستحِقّ الأفضَل؟ (أورخان باموق)




أَلا فليَبتعِد عَنِّي المَاضي، فلَقَد قَطَعتُ صِلَتي إلَى الأبَد بِالعَالَم الّذي عِشتُ فِيه، وَلا أُريدُ بَعدَ اليَوم أن أتَذكَّرَه، ألا فَليَختَفي هذا المَاضي مِن نفسي، ألا فَلينقَطِع عَن الوصُولِ إلى مِسمَعي أيُّ نِداءٍ مِنَ الحَياة الّتي أُبارِحُها، إنَّني أُسافِر لا أنوي عَلَى شَيءٍ وَلا ألتَفِتُ إلَى وَراء، فهيَّا إلى عَالَمٍ جَديد، وإلى أمكِنَةٍ مَجهولة. (فيودور ديستويفسكي)




كَانَ للعِيدِ طَعمٌ ولِلقَمَر طَعمٌ وكَذلِكَ لِلوَردِ طَعم، ولِلمَطَر، واللَّيل، وَالحِكايَة، واللَّعِب، فكَيفَ يُمكِن أن نَتَشبَّث بِهذا كُلِّه، وكَيفَ نَتَعامَل مَع هذا الزَّمن الّذي يَشُدُّنا بِفَظاظَةٍ كَي نَكبُر فَتَفقِدُ الأشيَاءُ طَعمَها، وَلا يَظلّ لَدينا إلّا هَذا الحَنينُ الغامِض، وَهَذهِ الحُرقَة المَفجوعَة لِوداعِ كُلّ مَا حَولنا، ولِخَسارَةِ كُلِّ مَا كُنَّا نُريدُ الاحتِفاظَ بِه، أهَذِه هِي الحَصيلة؟ (مَمدوح عدوان)




كُلّ كتِابٍ تَعيشُ فِيهِ رُوحٌ مَا، رُوحُ مَن ألّفَه وأرواحَ من قَرؤوه وَعَاشوا وحَلموا بِفَضلِه، وَفي كُلّ مَرَّةٍ يُغيِّر الكِتابُ صَاحِبَهُ، أو تَلمِس نَظَراتٌ جَديدَة صَفحَاتَه، وتَستحوِذ الرُّوح عَلى قوَّةٍ إضافيَّة، وهَذا المَكانُ يَحفَظ الكُتُب الَّتي لا يَذكُرها أحَد، والّتي يَختَفي أثَرُها بِفِعلِ الزَّمن، فَتَعيشُ هُنا أبَدَاً في انتِظارِ اليَوم الّذي تَعودُ فِيه إلى يَدي قَارئٍ جَديد وَروحٍ جَديدَة. (كارلوس ثافون)




أينَ الطِّفل الّذي كُنتَه، فهَل مَا يَزالُ في دَاخِلي أم رَحَل، وهَل يَعلَمُ أنَّني مَا أحبَبتُهُ قَطّ، وأنَّه لَم يُحِبّني أيضاً، ولِمَ أمضَينَا كُلَّ هَذا الزَّمن نَنمو كَي نَفترِق، ولِماذا لَم نَمُت كِلانا عِندَما ماتَت طُفولَتي، وإذا كَانَت رُوحِي قَد سَقَطَت فلِماذا يُلاحِقُني هَيكلي؟ (بابلو نيرودا)




نَحنُ نِتاجَ هَذا الوَاقِع وَهذا الزَّمن الّذي تَختلِطُ فِيهِ الانهيارَات الواضِحة بِالوِلاداتِ الغامِضة، وَلا نَتوب عَن أحلامِنَا مَهمَا تَكرَّر انكِسارُها. (مَحمُود دَرويش)




كلامٌ منمّق عن الحُبّ



قَد يَكتُب الرَّجُل عَنِ الحُبّ كِتاباً، وَمَع ذَلِك لا يَستَطيعُ أن يُعبِّر عَنه، وَلكِن كَلِمة عَنِ الحُبّ مِنَ المَرأة تَكفِي لِذلِكَ كُلِّه. (فكتور هوجو)




بِالنِّسبَةِ لِلعِالَم فَإنَّك مُجَرَّد شَخص، لكِنَّك بِالنِّسبَة لِشَخصٍ مَا قَد تَكونَ العَالَم كُلَّه. (براندي سايندر)




عِندَمَا تَتغلَّب قُوَّة الحُبّ عَلى حُبِّ القُوَّة سَيَشهَد العَالَم السَّلام. (جيمي هنتركس)




لَقَد تَدَّفَقَ الزَّمن كَالنَّهر، وَضَيَّعتُ طَريق العَودَةِ إليك، وَلكِنَّني مَا زِلتُ أُحِبُّكَ بِصِدق، وَمَا زِلتُ أرفُضُكَ بِصِدق. (غادة السَّمّان).




لَيتَنا أنَا وأنتَ جِئنَا إلى العَالَم قَبلَ اختِراعِ التِّلفِزيون والسِّينمَا، لِنَعرِف هَل هَذا حُبٌّ حَقَّاً أم أنَّنا نَتقمَّص مَا نَراه. (أحمد خالد توفيق)




مَن يُحاوِل إشعالَ النَّار بِالثَّلج، كَمَن يُحاوِل إخمَادَ نارِ الحُبّ بِالكلِمات. (وليم شِكسبير)




الحُبّ هو ذَكاءُ المَسافَة، وألّا تَقترِب كَثيراً فَتُلغِي اللَّهفة، وَلا تَبتَعِد طَويلاً فَتُنسَى. (أحلام مُستغانمي)




فَمَتى يَستَكشِفُ العِلم هذِه الجَّراثيم المَعنَويَّة الّتي تُفسِد الوُدّ وَتَفتِك بِالحُبّ، وَتَقطَع أمتَنَ مَا يَكُون بَينَ النَّاس مِن صِلات. (طه حسين)




سَاعاتُنا فِي الحُبّ لَها أجنِحَة، وَلَها فِي الفِراق مَخالِب. (وليَم شكسبير)




أضطَرِبُ عَهداً طَويلاً بَينَ الرَّغبةِ في الحُبّ وَالخَوفِ مِنَ المَرأة، وَالتَّشوّق إلى النِّساء، وَالحِقدِ عَليهنَّ. (نَجيب محفوظ)




مَن يَملِكونَ الحِكمَةَ يَملِكُونَها لأنَّهم يُحِبُّون، وَالحَمقَى حَمقَى لأنَّهم يَظنُّونَ أنَّهم يَفهَمونَ الحُبّ. (باولو كويلّو)




إن كُنتَ تَرغَب فِي رؤيَة قَوسِ قُزح، فَعَليكَ أن تَتَعلَّم حُبَّ المَطَر. (باولو كويلّو)




كَأنَّ النَّاس يَصيرونَ عُشَّاقاً لَحظَةَ تَعارُفهِم، ثُمَّ تَتَأكَّد تِلكَ الحَقيقَة مَع الزَّمن أو تَتَلاشى. (غادة السَّمّان)