عبد الرحمن منيف
عبد الرحمن بن إبراهيم منيف هو أديب، وناقد، وخبير اقتصادي سعودي وُلد عام 1933م، وتوفي عام 2004م، ويُعدّ أحد أبرز الكتّاب والروائيين الحداثيين في القرن العشرين، كما عُرف عنه حبّه للفن، التشكيلي، وقد كرّس المنيف موهبته الأدبية في تشكيل عالم روائي خاص وضع فيه خلاصة رؤيته للحياة، فيما ركّز على حرّية الإنسان وماهيّتها.
من أقوال عبد الرحمن منيف
ما أقبح أيام الوحدة، أيام لا يستطيع الإنسان أن يفعل شيئاً، لا يستطيع البكاء، لا يستطيع القراءة، وحتى الصراخ يصبح صعباً.
أشياء كثيرة يتعلّمها الإنسان في وقت مبكر، ويتصورها يقيناً لا يقبلُ الشك، لكنّ الحياة تعلّمه أن ذلك اليقين مجرّد.
لولا النسيان لمات الإنسان لكثرة ما يعرف، لمات من تخمة الهموم، والعذاب، والأفكار التي تجول في رأسه.
الحرية لا تأتي وحدها، الحرية ذهابُ دائم، وأغلب الأحيان إلى المجهول، وهي حالة بحث لا تعرف التوقف.
عبقريّة المرأة تظهر في قدرتها على التصرّف، والفرق بين امرأة وأخرى يتلخّص في هذه القدرة.
الذي لا يتعب، ولا ينتهي هو الشوق، وإرادة الإنسان ورغباته شوقٌ دائم، فأريدك أن لا تنسى ما امتلأت به من أشواق.
إنّ العلاقة بين البشر، والصداقة بشكل خاص لا تُقاس قوّتها ومتانتها بالزمن وحده.
أشياء كثيرة يتعلّمها الإنسان في وقت مبكّر، ويتصوّرها يقيناً لا يقبلُ الشك، لكن الحياة تعلّمه أن ذلك اليقين مجرّد.
في أحيان كثيرة لا يعرف الإنسان أين هو الخطأ، وربما هذا هو أقسى العذاب.
إذا كان الناس يفضلون, في بعض الأوقات, تذكّر الأيام الجميلة من الماضي, فإنّ الأيام القاسية يصبح لها جمالٌ من نوع خاص, حتى الصعوبات التي عاشوها تتحول في الذاكرة إلى بطولة غامضة, ولا يصدقون أنهم احتملوا ذلك كله واستمروا بعد ذلك.
إنّ الموت ما زال سيّد الدنيا الأوحد.
صاحب الفكرة يجب أن يتحمل الكثير من أجل توصيل فكرته، ولنا في الأنبياء قدوة.
الحياة يا صديقي شيء جدّي أكثر ممّا يتصوّر النّاس، من يريد أن يحيا عليه أن يغامر كثيراً، أن يكون شجاعاً.
الحب يا صديقي شيء خاص جداً.
إذا رأيت رجلاً ليس في قلبه امرأة فتأكّد أنّ ما تراه ليس رجلاً، إنّه جثة هامدة تريد قبراً.
أفضل ميزة يتمتّع بها الإنسان هي قدرته على النسيان، وهذا ما سوف أحاول إتقانه بعد الآن.
إنّ أغرب شيء في هذه الحياة يا صاحبي، أنّ الناس السيئيون لا يموتون، يعيشون أكثر مما يجب لكي يفسدوا حياة الآخرين .
النسيان أسهل طريقة للحياة.
لا تظن الهدوء الذي تراه في الوجوه يدل على الرضا، لكلّ إنسان شيء في داخله يهزّهُ، ويعذبه.
لو أن الموت، أو الإحساس بالموت، يكون قريباً وقوياً بالنسبة للبشر، كما هو فعلاً، لأصبح الإنسان أرقى، لكنّ أكثر براعات هذا المخلوق كيف ينسى أنّ الموت قريب منه هكذا.
الجوع أحسن معلّم.
سقوط الإنسان مثل سقوط الأبنية تهتز في الظلمة، وترتجف ثم تهوى، وتسقط.. ويرافق سقوطها ذلك الضجيج الأخاذ، ويعقبه الغبار، والموت، واللعنة.
مَن يقرأ الماضي بطريقة خاطئة سوف يرى الحاضر والمستقبل بطريقة خاطئة أيضاً، ولذلك لا بدّ أن نعرف ما حصل كي نتجنّب وقوع الأخطاء مرة أخرى، ومن الغباء أن يدفع الإنسان ثمن الخطأ الواحد مرتين.
ما الحزن إلّا قسوة يفرضها المرء على نفسه.
على الإنسان أن يتعوّد...يجب أن يتعوّد على كل شيء البرد، الوحدة، الضجر، وتراءت لي كلمة هزيمة، كدت أقولها، لكنّ غصة أقرب إلى يد ثقيلة حزت رقبتي.
الراحة إذا زادت عن حدّها تولّد الكسل، والجهد إذا زاد عن حدّه يولّد الثورة.
في عالم من الضجيج الكلّ يتكلم، ولا يسمع أحدٌ أحداً، أرجو ألّا تدخل صوتي عنصراً آخر في خليط العقم الكبير بعد رحيلي، دعوني مع صمتي .
قرأت ذات مرة أنّ أكثر الذين يتّخذون المواقف الجريئة هم أقلّ الناس حديثاً عن الجرأة.
يجب أنَّ تصدقوا أن في الإنسان شيئاً غامضاً، ومحيراً، إذ ما كدت أراها حتى ظننت أني أعرفها منذ آلاف السنين، ليس ظناً إذ ما أقوله لكم إنَّه الحقيقة..الحقيقة المطلقة والوحيدة.
اللقاءات الأولى تنطبع في الذاكرة بطريقة غامضة أغلب الأحيان، ومهما ترتّبت عليها من نتائج، ومهما تطوّرت فإنّ شيئاً خاصاً يبقى هناك ممّتداًً إلى ما قبل المعرفة.
اقتباسات نصيّة لعبد الرحمن منيف
- يُفترض أن يبقى الدين، أي دين، في إطار الاعتقاد الخاص والشخصي، وحين يتوجه إلى الآخرين يفترض أن يبقى في نطاق القيم الأخلاقية، أما إذا تحول إلى عمل سياسي فيصبح عندئذ ذريعة لسلب حرية الإنسان وإرغامه على الامتثال، كما يصبح وسيلة لقهر الآخرين وتبرير استغلالهم في الكثير من الأحيان.
- الذاكرة لعنة الإنسان المشتهاة ولعبته الخطرة، إذ بمقدار ما تتيح له دائماً سفراً نحو الحرية، فإنّها تصبح سجنه، وفي هذا السفر الدائم يعيد تشكيل العالم والرغبات والأوهام ، وإذا كانت في حياة كل إنسان لحظات ومواقف تأبى أن تغادر الذاكرة، فليس لأنّها الأهم، أو لأنها أعطت لحياته مساراً ومعنى، إذ ربما لم تقع بنفس الدقة أو بالتفاصيل التي يتخيلها أو يفترضها، وإنّما لفرط ما استعادها في ذاكرته بشكل معين، ربما الذي يتمناه يوماً بعد آخر، فقد أصبحت وحدها الحقيقة أو وهم الحقيقة.
- الحياة كلها صعوبات، والدليل على ذلك أن الطفل حين يخرج من الرحم يبدأ الحياة بالبكاء والصراخ، وتستمر الصعوبات يوماً بعد يوم، منذ لحظة الميلاد وحتى ساعة الموت، ولا يخفف منها إلّا النعمة، أما الموت فإنه يضع حدَّا للصعوبات كلها، والدليل أن الميّت يتوقف عن الألم، يتوقف عن الصراخ والاحتجاج، تاركاً هذه المهمة للذين حوله، للذين ما زالوا على قيد الحياة.
- قد لا تكون بلادنا أجمل البلاد، لأن هناك بالتأكيد بلداناً أجمل، ولكن في الأماكن الأخرى أنت غريب وزائد، أمّا هنا إنّ كل ما تفعله ينبع من القلب، ويصب في قلوب الآخرين، وهذا الذي يقيم العلاقة بينك وبين كل ما حولك، لأنّ كل شيء هنا لك، التفاصيل الصغيرة التي تجعل الإنسان يحس بالانتماء والارتباط والتواصل.
- الحزن إن بدأ مع الطفولة يكبر بسرعة، ويتغلغل في أعماق القلب ليبقى هناك إلى آخر أيام العمر، فالحزن نبتة وحشية تبدأ صغيرة لكنّها لا تتوقف أبدا عن النمو، ولها من الخصائص ما تمكّنها من العيش في مناخات مختلفة، وباستمرار الحزن وباتّخاذه مكاناً وحيداً في القلب يتحوّل يوماً بعد آخر إلى دغل يعربش على كل ثنايا السلوك والجسد.
- من شعور الوحدة يتولّد الخوف، والرهبة، والانتظار، ورغبة التخفّي، والصراخ، والاتحاد مع شيء ما وآلاف المشاعر الأخرى التي تعجز عنها كل الكلمات ..حتى في الأوقات التي يكون الإنسان مع الآخرين يحسّ أنه في الصحراء وحيد، وأنّه يواجه عدواً أقوى منه آلاف المرات، وهذا العدو لا يمكن أن يُقاوم، لكن من الضروري مصادقته، أو الاحتيال عليه والإذعان إلى شروطه.
- هناك لحظات شديدة الغموض، ولا يعرف الإنسان كيف تأتي أو متى، لكنّ إحساساً غامضاً، حدساً مفاجئاً، ينبّئ أنّ شيئاً قد انتهى، انكسر، ولا بدّ أن يقوم على أنقاضه شيء آخر.