الشّوق
الشّوق هو شعور الحنين إلى الغائب أو البعيد أو الرّاحل، أو إلى الوطن البعيد من المنفى، والشّوق من أعمق المشاعر الّتي يُمكن أن تُسبّب الألم والوهن، والشّعور الدّائِم بالحزن، حتّى النِّسيان لا يُمكن أن يُداوي هذا الشّعور، فالذّاكرة تبحث دوماً عن ما يُشقيها!.
رسائِل شوقٍ للوطن
الغُربة لا تفسير لها، وهي ليست حالة محدّدة، في الغربة نرتفِعُ كثيراً بفعل الحرّيّة والانعتاق من كُلّ القيود الّتي تربِطُنا بالمُجتمع والعائلة والوطن، وفي الغربة نسقط كثيراً بفعل الشّوق والحنين والحاجةِ للّذين يُحبّوننا ويخافون علينا.
ليست الهِجرة إلغاءٌ للوطن، ولكنّها تحويل المسألة إلى سؤال لا تؤرّخ الآن، حين تفعل ذلك تخرُج من الماضي، والمطلوب هو أن تُحاسب الماضي، لا تؤرّخ إلّا جِراحك لا تؤرّخ إلّا غُربتك، أنت هنا.. هنا حيثُ وُلِدت وحيثُ يأخُذك الشّوق إلى الموت.
لا شيء له أن يُنير أزقّة الغُربة وشوارع المنفى، حتّى تِلك المصابيح تبدو لي ثقوباً سوداء، أشتاق لوطني.
أشتاق لأشجاره لأرضِهِ لسماه، أشتاق لطفولتي المتناثرة، أشتاق لبساطة ناسه بابتسامتهم وطيبتهم رُغم قساوةِ الظّروف أشتاق لأحلامي الّتي خُلِقَت على ثراه، تقتُلُني الذِّكريات، وتغتال واقعي كُلّ تِلك اللّحظات الّتي تمُرّ كحُلمٍ جميل، أشتاق لك يا وطني.
كم أشتاق أن أشمّ عَبيركِ في أحدِ صباحاتِ وطني، أُراقب شروق شمسه في عينيكِ، نرسُم خطواتنا على طول شوارعه، نرسم أحلامنا بنجوم سمائه، كم أشتاق لوطني.
أشتاق لوطني لرائِحَةِ بيتِنا العتيق، لملمتُ ما تبعثر مِنّي في جُدرانهِ الرّطبة، لصوتِ ضَحِكاتِ الأطفال وسط تِلك الحارة المُتآكِلة، لخفقات قلبي وثباته.. أشتاق لوطني.
وحين أشتاقُ لِوطني، أخيطُ جُروحي بإبرةِ الصّبر، وما أن يبرأ جرحٌ حتّى يتفتّق جرحٌ آخر.
أعود وكُلّي حنينٌ أعود، لِدار الأحبّة والقلبُ عيد، وصوتي يُعانقُ كُلّ هتافٍ، وليس لبحر اشتياقي حدود.
أشتاق لِوطني وأرى أوجاعه تشُقّ أوجاع أوهامي وعِبرتي وأحلامي، أشتاق لِوطني وأرى دُموعَهُ تنزفُ كمن تاه في طُرقِ الظُّلمات.
الوطن أكبر مِن أن يكون وجع مشتاقٍ في الغُّربةِ لِتذكرة سفر، الوطن هو ذاكرة عصيّة على الاختراق.
الوطنُ نحمِلُهُ في قلوبنا دائِماً أينما رحلنا، فهو زادُنا ونورنا الدّاخلي الذي يُضيءُ الطّريق لنا في الغُربة بِكُلّ عَبرة حنين، أصرخ بآهاتِ مُغتربٍ يُنادي اسم وطنِهِ بأنين، أشتاق لِكُلّ سوادٍ وبياض لِكُلِّ طيبةٍ وقسوة، للنّور والعتمة ولِكُلِّ بسمةٍ ودمعة.
رسائِلُ شوقٍ للصديق
عِندما أشتاق إليك يا صديقي أكرّر الكلِمات الّتي كُنت تقولها، وأغنّي الأغاني الّتي كُنتَ تُغنّيها، فالشّوق مزّق قلبي من الألم.
صديقي العزيز: عليك أن تعلم أنّه في الاشتياق لا فرق بين يومين أو عامين أو حتّى عقدين، فعِند الاشتياق لا وجود للزّمن.
صديقي العزيز أشتاق لك، ليس في تاريخٍ مُعيّن أو شهرٍ معيّن، وإنّما أشتاق لك في كُلّ وقت.
كم هو مؤلِمٌ أن تحيا وأنت بعيدٌ عن صديقك، فتشعر أنّ قِطعةً مِن روحك موجودةٌ في مكانٍ آخر.
اليوم بِِدونكَ يا صديقي طويلٌ جِدًّاً، اشتقت لتلك الأيام التي كُنتُ فيها معك.
اشتقت إليكَ يا صديقي، ولكنّها ليست المرّةَ الأولى، بل هي عادتي في كُلِّ يومٍ لكن بِصمت.
إن كُنت تقرأ يا صديقي، أنا حقَّاً اشتقتُ لك.
لصديقي البعيد: كُلُّ الحِكاية أنّني اشتقتُ لك.
الاشتياق لصديقٍ هو نوعٌ مِنْ الإدمان لا يُعاقِب عليه القَانوُن، وَلكِنْ تُعاقِبُنا عَلَيه الظّروف بالحرمان.
جميعكم عِندكم الصّديق الّذي يرُشُّ ورداً على جفاف أيّامِكم، لكن أنا وحدي عِندي صديقٌ زَرع لي شجرةً، وظلّلني بظلِّها وأهداني ثمرها وقطف لي وردها، عندي شوقٌ كبيرٌ له.
رأيتك في المنام وحنّيت لك، وتاقت روحي للُقياك أيّها البعيد، أتراك تحبّ الهجر قُل لّي، فلِحديثُك شوقٌ ولرؤيتك أيُّها الصّديق.
وسألتُ يوماً أين نور الدّرب أين هو الصّديق، أمضي أفتّشُ عنه عن أملٍ يُصاحبني الطّريق، والرّوح عطشى للّقاء يلُفُها شوقٌ عتيق.
يا صديقي اشتقت لك، اشتقت لأيّامي معك، كم هي الحياة قاسيةٌ أبعدتني عنك.
سأُرسِل لك كُلّ يومٍ رسالة أُخبرك بِها عن حالي فتحمّلني، لا أجدُ أحداً يتحمّلني غيرك.
فرّقتنا الظّروف وغيّرتنا الأيّام، وما زِلتُ أشتاق لك يا أغلى العابرين.
إنّي أشتاق أن أضع يدي على قلبي وأحكي لصديقي عمّا يحدُثُ لي.
أشتاقُ لصديقي القديم، لكنّني لا أرغبُ برؤيته.
رسائِلُ شوقٍ للأخِ المُسافِر
أخي القريب البعيد بحُضن الغربة، أسعدك الله بِقدر ما أشتاقُ إليك.
قلبي اشتاق لك يا أخي، اشتقت إليك كثيراً وليس لديّ سِوى الدُّعاء لك في كُلّ حين، يا أخي الغالي أُحبّك جِدّاً ارجع لنا.
اشتقتُ لك يا أخي، يا قِطعةً مِن روحي أخذوها بعيداً عنّي.
فقط لو أنّني أستطيع أن ألمسك يا أخي، اشتقتُ لك ولعينيك اشتقتُ لِماضٍ لن يعود، لأيّامٍ كُنت معك، فقدتُ سعادتي عِندما غِبت عنّا.
اشتقت لك يا أخي، أراك بِكُلِّ شخصيّةِ رجُلِ مُحترم، أراك بِكُلِّ ابتسامةِ أخٍ حنون، أخي الحبيب أسأل الله أن يجمعنا بِك عمّا قريب.
اشتقت لَكَ كثيراً يا أخي، حقّاً غيابك أفقدني الحياة.
أخي كيف لي أن أقول لك أنّي اشتقت لك جِدَّاً دون أن أبكي.
حدِّثوني عن الاشتياق أُحدِّثكم عن وجعٍ يسكُن أيسر الصّدر لا يُعالج ولا يعرف الخمود لحظةً، اشتقت لك أخي.
ابتسامته جميلة وضِحكته تملأ الدُّنيا سروراً، إنّه أخي الّذي أُحبُّه وأشتاق له.
لأخي: اشتقت لك وليجبر الله غصّة اشتياقي.
شخصٌ كنّا أنا وهو نتشاجر أحياناً، لكنّني والله لا أستطيع أن أستغني عنه، اشتقت له والله يعلم بِحبّي له، عن أخي أتحدّث.
شُكراً للّذين يحفظوننا في الغياب كأنّنا في ذروة الحُضور، للّذين يؤمِنون بأنّنا مهما ابتعدنا قريبين إلى الحدِّ الّذي لا ينهشهُ الغياب، شُكراً لك يا أخي.
مُختصر الوجع تذكّرتُك أخي، ثُمّ اشتقت لك ثم تمنّيتك ثم بكيتُك، فمتى ينتهي عملك؟.
أخي اشتقت لك كما يشتاق الطِّفلُ الرّضيعُ لحليب أمّه، وكما يشتاق المغترب للعودة إلى أرض الوطن، متى تعود يا غالي.
كوَردةٍ مُجفَّفةٍ بين صفحاتِ كِتابٍ لم يعد يفتحه أحد: هو قلبي في غيابِك يا أخي.
تتساقط كُلّ الأشياء أمامي كأوراق الشّجر في الخريف بعد فراقك يا أخي.
أخي سأستقبلُ رمضان، ولكن ينقصني وجودَك بين أهلي وإخواني، سنفتقِدُ صوتك في المسجد وأنت تُصلّي بالنّاس، سأفتقدك ولكن لا أجد سِوى الدُّعاء لك، اشتقت لك يا أخي.
اللّهم يا رحمن يا رحيم يا كريم يا ودود يا حفيظ يا عليم، أنت تعلم حالي وحال أمّي وأبي وإخواني، وشوقنا لأخي وحُزننا على فراقه، فاللّهم بحقّ دُعائنا وسؤالنا رُدّهُ إلينا بكُلّ خيرٍ وصِحّة.
لا أعرف من أين أبدأ، ولا أعرف ما الّذي دعاني في هذه السّاعةِ المُتأخّرة قُبيل الفجرِ إلى الكِتابة، إلّا لأنّه جاش في نفسي الاشتياق والتحدّث معك والجلوس إليك، أخي لا توجدُ كلِماتٌ أستطيعُ أن أصفكَ بِها إلا أن أقول: يُسعِدُني ويسّرني أن تكون أنت أخي.
أخي الّذي كان دوماً مثلي الأعلى في كُلّ شيء، أخي الّذي لا أستطيع أن أقول له كلِمة (لا) حتّى لو قالها كُلّ البشرِ له، كيف لا أشتاق لك وأنت علّمتني معنى الاشتياق، لا أعتبُ عليك ولكن عتبي على قدري الّذي أبعدني عنك يا أخي.