الأب

الأب ربُّ البيت وعمود الدّار، وهو القوّة والسّند والقدوة والمظلّة التي تحمي كُلّ من في البيت بعد الله من أيِّ شرّ، مع الأب تقِفُ الأبجديّةُ عاجزةً عن إيجاد مفردات توفيه حقّه، فكيف لا وهو كان الحرف الأوّل في ألِفِهِ الّتي تُشكِّل كَلِمةَ أب لتبدأ الحياة به ومعه، فألف تحيّة لِكُلِّ أب هو البوصلة الأولى لأبنائه وأهل بيته، وألف رحمةٍ لأرواح من رحلوا من الآباء.

رسائِل منوّعة للأب



أبي الحبيب: أنت النّور الّذي يُضيء حياتي والنّبع الّذي أرتوِي مِنهُ حُبَّاً وحَناناً، أنت الأبُ الّذي يُشارُ إليه بالبنان ويُفتخَر بِهِ بين الأنام، هنيئاً لي بِكَ أيُّها الأبُ العظيم؛ فمهما قُلتُ ومهما كتبت يعجزُ لِساني عن إيجادِ كَلِماتٍ تُعبّر عمّا في قلبي لأوفيك حقّك؛ فما في قلبي لَكَ أكبر من أن أوفيه بالكِتابة، وما أُكنّه لَكَ مِن حُبٍّ واحترامٍ يفوق كُلّ وصف، لذا فإنّني لَن أستطيع أن أصِفَ ما بِداخلي مِن مشاعر نحوك.




أنت خير أبٍ ربّيتني فأحسَنت تربيتي؛ علّمتني كيف أحِبّ الحياةَ وأعيشها، فأنت خير قدوةٍ أقتدي بِك وأسير على نَهجِك، إنّ هذه السّطور الّتي أدوِّنُها يا أبي قليلٌ مِن كثيرٍ أحمله لك في قلبي الذي يُحبُّكَ كثيراً.




والدي الحبيب، إليك أُهدي هذه الكلمات: يا أغلى مِن نفسي الّتي تسكُن بين جوانحي، وأحَبَّ إليَّ مِن روحي الّتي تسري في جسدي؛ وأعزّ عليّ مِن قلبي الّذي يخفِقُ بين أضلعي بِحُبٍ لك.




يا من أجد عِنده سِعة الصّدر ولين الجانِب، أشعُر بِحرصِكَ وخوفِكَ عليّ؛ وإحسانك وحُبّك لي.




يا من غمرتني بِحنانك، أشعر بأنّني بِذرةٌ زَرعتها في حدائِقِ قلبك لتحرُسني بنبضك وعيونك، وتَحميني مِن نوائِبِ الدّهر وأوجاعه.




مَهما وَصَفتك فلن أستطيع؛ فالحروف والمعاني عَن وصفِكَ عاجِزة، والحياءُ مِنكَ والّتقدير لك والتّعظيم لِحقّك يمنعني من كثير القول، ويُثنيني عن وفير الكلام، ولا يَسعني إلّا أن أقول وفّقك الله ورَعاك وسدّد على الخيرِ خُطاك، تَقَبّل هديّتي وتبقى أنت دُنياي وعيدي.




إليك أبي الحبيب: إلى قُدوتي الأولى و نِبراسي الذي يُنير دربي؛ إلى مَن علّمني أن أصمِد أمام أمواجِ البحر الثّائرة، إلى مَن أعطاني ولم يَزل يُعطيني بِلا حُدود؛ إلى مَن رَفعتُ رأسي عالياً افتِخاراً بِه، إليكَ يا مَن أفديكَ بِروحي.




أبعثُ لكَ باقاتِ حُبّي واحترامي، وعِبارات نابِعة مِن قلبي، وإن كان حِبرُ قلمي لا يستطيع التّعبير عَن مشاعِري نَحوك؛ فمشاعِري أكبَرَ مِن أن أسطّرها على الورق، ولكنّي لا أملِك إلا أن أدعو الله عزّ وجَلّ أن يُبقيك ذُخراً لنا، ولا يحرِمنا ينابيع حُبّك وحنانك.




أبي يا نّبض قلبي يا فرحي وسروري، أنا سعادتي في هذه الدُّنيا هي أن تَكون دائِماً في صِحّةٍ وعافية.




أبي أنت أعظمُ مَن في الوجود، وأنت الكرامةُ والكِبرياء، أبي أنت مالِك قلبي وروحي وأنت بعينيَّ كُلَّ الضّياء، أبي أنت بحرُ الحَنان الكبير وأنت النّقاءُ وأنت الصّفاء.




والدي الحبيب: لَن يِضيع ما علّمته لي والذي غَرَستهُ في نفسي، وسأظَلُّ دوماً كَما عهِدتني لكي تفخَرَ بي، ولن أُخيِّب ظَنّك يا أبي الحبيب.




والِدي الحبيب: لطالما أردتُ أن أوفيكَ بَعضاً مِن حَقّك، ولكنّني أعلمُ بأنّ حقّك أعظمُ من ما أملُك مِن كلامٍ وهدايا؛ فاقبل مِنّي ما يُقدّمه لَكَ قَلبي قَبل يَداي، عيدنا بأن تكون كُلّ عامٍ بألف خير.




رسائِل للأب المُسافِر



يا أبي وأنت بعيد فإنّ القلب مجروح، متى ترجع وتفرح القلوب.




أبي أكتب إليك ودمعتي على خَدّي، كَم أتمنّى رؤيتك والاقتراب مِنك ولَمسك، كَم أتمنّى أن أقول لَكَ أبي فتُجيبني.




أبي تاج رأسي وفَخر حياتي، أُهديك مِن التّحايا أفخمها، ومِن المشاعر أرقّها وأصفاها، ومِنَ المحَبّة ما يَعجز عَنه بياني ويَحارُ فِيهِ لِساني، لستُ مُبالِغاً إن قُلتُ أنّ قَلبَك الكبير أروع ما في الوُجود يملأني عِزَّاً ويَفيضُ حناناً، أشتاقُكَ جِدَّاً جِدَّاً.




اشتقتُ لرؤيتك ولِملامِحِك الرجوليّة أفتقدك يا أبي، وأدعُ الله لَكَ في كُلِّ صلاةٍ بأن تَكون سالِماً مُعافى.




الشّخص الوحيد الذي عندما يَسمع صوتي مُتضايقةً لا يُنهي المُكالمة إلا بَعد سماع ضِحكتي، فيا ربِّ احفظهُ لي واصرِف عنهُ كُلّ شَرّ، أبي اشتقتُ لَكَ كثيراً.




أبي هو الشّخص الذي مهما كان مشغولاً ومُحاطاً بالنّاس الّذين يمكن أن يُشغلونه عنّي، إلّا أنّه يُمسِك جِهازه ويَكتب: اشتقت لك، وكأنّه يقول اطمئنّ أنا حولك ولن يُشغلني عنك أحد.




أبي أودُّ أن أُخبِرك بأنّي اشتقت لك، مكانَك الفارغ لَن يَملؤه أحد.




لَم أكن يا أبي أعلمُ كيف أحميك مِنَ الأشياء التي تؤلمُك، ولكنّي استودعتُكَ الله فقط اشتقتُ لك.




ولي في حُبِّك يا أبي أبياتاً مِن الشِّعر، وقد فاضَ دَمعي عليها وانتَفَضَ الحِبر والورق لِوجعي دونك، أشتاقُ لك في كُلِّ ثانيةٍ أعيشها، وأتمنّى أن تعود غائبي.




أبي قُلنا ستعود مِثلما عُدت سابقاً، فأنا أشتاق لك وأشتاق لكُل أفعالِكَ وصِفاتِكَ وأقوالك، يا أبي نحن مشتاقون لك كثيراً عُد لنا بأسرع وقت.




اشتقتُ لَكَ أبي حتّى أنّي أصبحتُ أتأملُ مَلامِحَكَ كُلَّ ليلةٍ قبل أن تغفو عيناي، فعُد إلينا سالِماً يا أبي.




لم أجِد ما أبوحُ بِهِ هذه اللّيلة سِوى أنّي اشتقتُ لك أبي، فمتى يَنتهي سفرُك.




أبي رُغم كثرةِ مَن حولي إلا أنّني أشعُرُ بالوحدة، اشتقت لرائِحتك ولضحكتِك ولمُناداتِك لي، اشتقت لك وبشِدّه فمتى اللِّقاء.




رسائِل للأب المتوفى



يا من أشتاقُ إليه رحِمَكَ الله بِقدرِ ما هَزّني وجَعُ الحنين إليك يا أبي، غَفَرَ الله لَكَ ورَحَمكَ وآنس وحشتك وجَمَعَنا بِك في جنّته.




اشتياقي لك يا أبي جعلني أُفَكّر الآن بأن أذهَبَ إلى قبرك، وأفتح قبرَك وأحضن عِظامك وكأنّك جَسَدٌ بِروحٍ يشعُر بي، لقد جَعلني أفَكِّر بِجنونٍ بأن أفتح قَبرك وأنامُ بين يديك وصدرك، فأنا حَقَّاً أشتاقُ لك يا أبي.




الشّيءُ الثّابتُ دائِماً يا أبي هو اشتياقي لك.




حبيبي يا أبي هل تُراك تَسمعُني ويصِلك دُعائي.




أبي مَهما طال فُراقُك سأظلّ أوفى النّاس لك، وسأظلّ أدعو لَكَ حَتَى أكون بِجوارك، رحِم الله أبي.




اشتقت لوجهٍ لا أعلَم ماذا فَعَل بِهِ التُّراب، اشتقتُ لِروحٍ غادرت إلى السّماء، رحِمك الله يا نَبضاً بات بِقلبي وأدخلك الجِنان مِن أوسَع أبوابِها يا أبي.




كم أشتاق لأيّام أبي.




أخذه الكَريم ليُريح أورِدَتَه مِن ألمٍ اجتاح جَسَدهُ الطّاهِر، وبدأ يُؤلِمُهُ ويُؤلِم قُلوبنا معه، يا أبي ذِكراك ما زالَت عالِقةً بِجُدرانِ قَلبي.




اشتقتُ لِرَجُلٍ هَمَسَ بِأُذني وكان عُمري حِينها لَم يَتَجاوز نِصفَ يومٍ مُردِّداً الله أكبر.




سلامٌ لِروحِ أبي وألف اشتياق.




الشّوق يَكادُ يُمزّقني يا أبي، اشتقت لك ولِعناقِك وكلامك، ولا أستطيع أن أُصدِّق خَبَر رحيلك لأنّك تَعيش بِداخلي، وسَتظلّ بِداخلي إلى الأبد.




لا يُقاسُ رحيلُك بأيّ وَجَعٍ يا كُلَّ روحي يا أبي، ولكن يا ربّي رجوتُك أن تصُبّ رَحمتك عليهِ صَبَّاً، وتؤنِسَ وَحشَةَ قَبرِه، وأن ترزُقني لُقياهُ في جنّتِك.




اشتقتُ لِدفء صَدر أبي وهو يُعانقني حِين أمرَض أو حِينَ أخاف أو حِينَ أتعب، رحِمك الله يا حبيبي.




مرّت سِنين وما زال قلبي يَبكي فراقك يا أبي، وما زِلتُ تِلك الطِّفلةَ التي كانت تجِد في عينيك الأمان وفي حُضنِك الحنان مَهما كبُرت، الله يرحمك ويغفر لك يا أغلى من فَقَدت.




ولكنّني لمّا وجدتُك يا أبي راحِلاً بكيتُ دَماً حَتّى بلّلتُ بِهِ الثّرى.




لَن أترُكَك ولَن أنساك، ولن تُلهيني مشاغِل الدُّنيا عَنك، أعِدُك لَن تبقى وحيداً يا أبتي، وسأظلُّ أدعو لَكَ في كُلِّ لَحظة.




أبي أنا لا أبكيك اعتراضاً فهذا أمرُ رَبّي، ولكنّني أبكيكَ حَنيناً واشتياقاً.




وإن جاءكُم اللّيل يَسألُ عنّي، فقولوا لَهُ أنهَكَهُ التمنّي، رَحَلَ أبي فَرَحَلت روحي عَنّي وفقدتُ جُزءاً مِنّي.




أبي في وجُودِكَ لم أفقد شيئاً، وفي غيابِكَ فَقدتُ كُلّ شيء، فيا ربّ اغفِر لي كُلّ دَقيقةٍ لَم أجلِس فيها مَعَه، واغفِر كُلّ نِداءٍ كان مِنهُ ولَم أستجِب له، لَن أنساكَ مِنَ الدُّعاءِ يا أبي ما حييت.




أبي سَلامٌ على روحِكَ النائِمة لمُدّةِ طويلة، ورائِحتِكَ المُختَبِئةُ في جَوفِ الأرض، جَعَلَكَ الله في النّعيم، ورَزَقني رؤيَتَك يا حبيب.




وحينما تَذكّرتُ أيّامنا سويَّاً يا أبي، وتِلك اللّحظاتِ التي طالما شَعرتُ بأنّني لا أريد أن أتذكّرها خَوفاً مِن وَجَعِ قلبي الذي لا أقوى عليه، وخَوفاً مِن أن أعود إلى وحدَتي مُجدَداً، لقد بَكيتُ مطوَّلاً كأوّل فراقٍ لنا، رَحَلتَ عَنَي مُبكِّراً وظلّت فجوة نُقصانِكَ في داخلي، وظَلّ ذاكَ الفقدُ يؤلِمني كُلّما رأيتُ فتاةً تحتضِنُ أباها، أخافُ أن أكبُر رُغم طفولتي، أخاف يا أبي مِن تذكُّركَ خوفاً من أن تسكُن الحُرقةُ صدري وأعجَزُ عنِ الحياة.