الفصول الأربعة

فصل الرَّبيع هو فصلُ ميلاد الأرض، والصّيف فصل النضوج، أمّا الخريف ففَصلُ الاستعداد لميلاد جديد، والشِّتاء فصل الحياة والانبعاث، أربعة فصولٍ تُشكّل وَجه الأرض وشَكل الحياةِ فيها، حيث لا يُشبه أحدُها الآخر، فتَتَّحِد جَميعاً لعكس مَعنى الحياة وتفاصيلها، أربعة فصولٍ تُشكّل معنى البشريّة بمعناها المجازيّ، أربعة فصول تُشكّل جميعاً عاماً كامِلاً مُختلِف الشّكل والتّكوين في كافَّة أيّامه المُتجدِّدة مع كُلِّ شهر، وفي جمالها تغنّى الشعراء، والأدباء، وكتبوا العديد من القصائد والنصوص، فكان منها ما جاء في هذا المقال.


كلامٌ جميل عَن الفصول الأربعة



كلُّ الفصولِ جَميلة ولِكلِّ فَصلٍ فضيلَة، حَمْدًا لِرَبِّي وشكراً على العَطايا الجَليلة، فسُبْحانه وتعالى أهْدى لِكلٍّ أصولَه.




ليسَ هُناك أجمل وأبهى من بُستانٍ جميل تَجتمع فيهِ الفصول الأربعة، لِتُقيمَ استعراضاً ملوّناً بألوان الطّيف الجّميلة.




يا لَيتَ العَالم يَضبِط ساعاتِه على إيقاع فصولنا، فَنُزهِر في الخريف، وَنَهطِل مَطَراً إذا جاء الصّيف، وتَطير فراشاتنا ناشرةً رَبيعها عَبر الشِّتاءات الطّويلة.




الصَّديق الحَقيقي هو صديق الفًصول الأربعة، أمَّا الآخرون فهُم أصدقاء صيفٍ لا أكثر.




كُلُّ فَصلٍ مِن فُصول السَّنة له مُهِمَّةٌ مُعيَّنة يَأتي ليَقوم بِها ويرحل ليُفسِحَ المَجال لِقدوم الفصل الآخر، ومِن فُصول السَّنة نتعلَّم أنَّ سُنَّة الحَياة هي التّغيير وأنّ لا شيءٌ ثابِت في هذه الحياة، وإنَّ كُلَّ إنسانٍ لَهُ مُهمَّة مُعيَّنةً ومميَّزةً عَليه القِيام بِها على أجمَل وَجه.




لا تَدع الألم الذي يَحدُث لَكَ في مَوسِم مُعيَّن يَجعلَك تَخسَر الفَرح في الأخرين.




الطَّبيعةُ كالإنسان، تَبتسِم في فَصل الرَّبيع و تَضحك في فَصل الصَّيف، وتَحزن في فَصل الخريف، وتَبكي في فَصل الشِّتاء.




ما زِلتُ أُخزِّن فُصولَ الفَرح كَما تُخزِّن الجَدَّات فَصل الرَّبيع في قَوارير مُربَّى الفراولة.




كلامٌ جميل عَن فصل الرَّبيع



إنَّ نَسائِم الرَّبيع الرَّاحِل تَهفو أحياناً فتُذكِّرُنا بِعمرٍ مَضيء، وَلَيس لَنا الحَقّ في استِرجاعِه.




الرَّبيع بَسمة الطَّبيعة قَبل أن تَجود بِعطائِها، إذ لا قِيمَةَ لِلعَطاء إذا لَم تُرافِقَه بَسمة الرِّضى.




بَرَزَ الرَّبيع لَنا بِرونَق مائِه، فانظُر لِروعة أرضِه وسمائِه، فالتُربُ بين مِسكٍ وعَنبر مِن نوره، بَلَّ مائِه وروائِه، والطَّير مِثل المُحصنات صوادحٌ مِثل المُغنِّي شادِياً بِغنائه.




هكذا الرَّبيع في مِثل أرضِنا المُتعبة، جُذورٌ عاجِزة عن قِراءة أوراقها.




في قلب كُلِّ شِتاء رَبيعٌ يَختلج، وَوَراءَ نِقاب كُلَّ لَيلٍ فَجرٌ يبتسِم.




الشَّرق عَالمٌ ساحِرٌ مُشرِق وَهو جَنَّة الدُّنيا، وَهو الرَّبيع الدَّائِم مَغموراً بِورودِه، وَهوَ الجَنَّة الضَّاحِكة، وإنَّ الله وَهَبَ أرضَه زُهوراً أكثَرَ مِن سِواها، ومَلأ سَماءَه نُجوماً كثيرة، وبَثَّ في بِحاره لآلئ أوفر.




الرَّبيع لا يتوقَّف مِن أجل نبتةٍ لا زالت تتعلّم النموَّ والاخضِرار.




في فَصلِ الرَّبيع تَزدانُ الحَياةُ بالألوان، ويَرسُم النَّاسُ عَلى وُجوهِهم بَسمةً تُنسيك عِتاب الأيَّام والزَّمان.




عُد أيُّها الرَّبيع مَلَّت الطَّبيعة مِن الخَريف ومِن الشِّتاء، واشتاقت إلى الاخضِرار الذي لَن يَكون إلا بِحلولك، عُد أيُّها الرَّبيع فالأشواكُ في الشتلات تَشكو وِحدتها اشتاقَت لِلزَّهور لِتؤنِسها، عُد أيُّها الرَّبيع ضُخَّ الحياةِ أنقِذ ما تَبقَّى، فَنحن في الإنعاش نَحتاجُ مُعجِزةً لِنَعود الي سابِق عَهدِنا لِزهوِنا.




قِلَّةٌ مَن يَفهم أنَّ جُنونَ الرَّبيع، إنَّما هو وَليد حُزنِ الخَريف.




كلامٌ جميل عَن فصل الصّيف



الشِّتاء هو بِدايةِ الصَّيف، والظَّلام هو بداية النُّور، والضّغوط هي بِداية الرَّاحة، والفشل هو بداية النَّجاح. 




الحُبّ لا يًمكِن أن يَشيخ أبداً، قَد تَفقِدَ الأقفال لَونها الذَّهبي، وقَد تتلاشى نَضارة الخُدود، ولكِن القُلوب المُحِبَّة سَوف تعرِف أنَّه لا صَقيعُ الشِّتاء وَبردِه يؤثِّر فيها، بَل دفءُ الصَّيف لا يزالُ فيها.




غداً في الشَطِّ تجمعُنا ليالي الصَّيف والنَّجوى، وفَوق رِماله الفرِحة سننسى الحُزن والشَّكوى، ونُعانِق فيهِ أحلاماً تَركناها بِلا مأوى، وقَد ألقاك في سفرٍ وقد ألقاكَ في غُربة، كِلانا عاش مُشتاقاً وعانَدَ في الهوى قلبه.




الغُربةُ كالموت، المَرءُ يَشعُر دائِماً أنَّ المَوت هو الشَّيء الذي يَحدُث للآخرين، وأنا مُنذُ ذلك الصَّيف أصبَحتُ ذلِكَ الغَريب الذي كُنتُ أظنُّه دائِماً سِواي.




في أيّام الصَّيف أتمّدَّد عَلى رِمال الشَّاطئ وأُمارِس هِواية التَّفكير بكِ، لَو أنَّني أقول للبَحر ما أشعُر بِهِ نَحوكِ لَترك شَواطَئَه، وأصدافه، وأسماكه وَتَبِعني.




في مُنتَصف الشِّتاء وَجدتُ أنَّ بِداخلي صَيفاً لا يُقهر، نَحنُ بِالفعل لا نَكتشِف كَم نَحن أقوياء ومَرنين حَتَّى نُواجه مِحناً تملأ عُقولنا بالتوتُّر وقلوبنا بالألم، فحينها نَكتشِف أنَّ بِداخلنا جميعاً الشَّجاعة والقُدرة عَلى التعامُل مع أعظم المنعطفات الَّتي قد تُلقيها الحياةُ في طريقِنا، فالأوقاتُ العَصيبة تجعلُنا بِالفعل أقوى.




كلامٌ جميل عَن فصل الخَريف



نظلم فَصل الخريف بِالرَّغم مِن جَماله وروعته بِسقوط أوراق الشَّجر، وبِداية بروزأوراقِ جَديدة تُعبِّر عَن بِداياتِ جَميلة وَجديدة في حياتنا، نتناسى جمال طبيعتِهِ الخلّابة، ولا نرى إلّا لَونَه الأصفَر الكئيب.




يُعتَبر الخَريفُ ربيعاً آفلاً، َففيه كانت كُلُّ ورقةٍ مُتساقطة زَهرةٌ في يَومٍ مِن الأيَّام.




الأوراق التي لَم تَسقُط في الخَريف تَكون في عين أخواتها خائِنة لأنَّها لَم تسقُط مَعهُم، وتَكون في عَين الشَّجرةِ وفيَّة، لأنَّها ظلَّت إلى جِوارها، وَتكونُ في عَين الفَصل مُتمرِّدة عَلى وضعها.




عِندما يَأتي فصلُ الخريف نَجِد أنَّ كُلَّ الشَّجر تَجرَّد مِن ثِماره وأوراقِه، كذلِك هو الإنسان يصل إلى مرحلة يتساقط فيها من قلبه الكير من الأشخاص، إنّها مرحلة خريف العلاقات.




تَظهر الحقيقة كُلّها في فصل الخريف، فتجِد كُلَّ شيءٍ عَلى حقيقته حَتَّى الأشجار والورود.




لا يَكون الرَّبيع هو الصَّديق الحقيقي، ولكِن الخريف هو الّذي يُشبهنا بِكًلِّ تَفاصيله، لِذلك فَنحن نَميلُ إلى هذا الفَصل عن غيره.




فَصل الخريف فصلٌ رائِعٌ وَجميل، لأنَّه يَجمع بَين كُلِّ الفُصول، ففيه دِفء الصَّيف، وبُرودةُ الشِّتاء، واعتِدال الرَّبيع، وفيهِ تُهاجِر الطّيور، وتتساقطُ أوراق الشَّجر مُعلِنةً اقتراب فصل جديد ينعش القلوب.




الخَريف هو صديقي الَّذي يزورني كُلَّ عام وهو يُشبِهُني كَثيراً، ففيه يُعاد تَرتيب أوراقِهِ مِن جديد.




كلامٌ جميل عَن فصل الشِّتاء



أخافُ أن تُمطر الدُّنيا ولَست معي، فمُنذُ رحلت وعِندي عُقدة المَطر، كَان الشِّتاءُ يُغطِّيني بِمعطفِه فَلا أفكِّر في بَردٍ ولا ضَجر، وكانَت الرّيحُ تَعوي خَلف نافِذتي فتَهمسين: تمسَّك ها هُنا شَعري.




مَن لا يَملِكَ الحَبّ يَخشى الشِّتاء.




الشِّتاءُ بارِدٌ عَلى مَن لا يملِكون الذِّكريات الدَّافئة.




لو تعلَّم النَّمل الجِدال لَن يجِد ما يَتَناوله في البردِ والشِّتاء.




بَردُ الشِّتاء في هذه المدينة لا يَعمل إلَّا عَلى إيقاظ الجُّروح القديمة.




كُلُّ شيءٍ جَميلٍ في الشِّتاء عَدا ارتِجاف الفُقراء.




أفيق هذا الصَّباح على صوت آخِر البلابِل معلناً نهاية الصيف وبداية الخريف.




عِندما تَخضرُّ مِن جديدٍ الورقة عِندما تَنبُت الزَّهرة عِندما تَنضَج الثَّمرة، تَمحى مِنَ الذَّاكرة سَفعةَ البَرد وجَلجَلة الشِّتاء.




الوقت ليلٌ والشِّتاءُ بِلا قَمر، نَشتاق في سَأمِ الشِّتاء شُعاع دفءٍ حَولنا، نَشتاق قِنديلاً يُسامِرُ ليلنا نَشتاق مَن يحكي لَنا، مَن لا يَملُّ حديثنا، تنسابُ أغنيةً فَتمحو ما تَراكَم مِن هوان زماننا.




في الشِّتاء يّتساقط المَطرُ فيَغسِل أحقاد الصُّدور وسَواد القلوب، وفيه ترعدُ السَّماءُ فتُذكِّر كُلُّ طاغٍ بقُدرة الجبَّار، ويًدركُ كُلَّ قاسٍ أنَّ البرودة قاسيةٌ جداً.




أنا أعشّقُ الشِّتاء دون الصَّيف، أعشَقُ الشِّتاء لأنَّه عِندما يَسقطُ المَطر تُزالُ الأصباغ عن الوجوه، فيَعودٌ كُلُّ شيءٍ لأصلِه دونَ خِداعِ أو تصنُّع.