كلام عن الغربة

الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن.

أيّ غربة أشدّ من غربة المشاعر، فغربة الأوطان تهون بأمل العودة، وغربة الأهل تهون بأمل اللقاء، أمّا غربة المشاعر فتبقى سارية كلما حاولنا إبعادها إن لم نكن نعرف أبعادها.

إنّ الزمن الذي يخاف فيه أهلنا علينا من الغربة انتهى، وجاء زمنٌ نحن في غربتنا نخاف عليهم من الوطن.

خبزٌ الوطن خيرٌ من كعك الغربة.

إنّ أشدَّ أنواع الغربة تلك الغربةُ التي تشعر فيها في وطنك.

إن العلمَ في الغربةِ وطن، والجهلُ في الوطنِ غربة.

للغربة طعم مرّ لا يحلّيه إلّا سكّر العودة إلى الوطن.

الغربة مبنى آيلٌ للسقوط..أسقفه قديمةٌ لا تدري متى ستنهار على رأسك.

ربما بعد الغياب الطويل في الغربة لا يعود للإنسان في الحقيقة أيّ بلد.

في الغربة لا تدّعينَ امتلاككِ لشيء، في الغربة لا تملكينَ إلّا حلمك.

علمتني الغربة أن أكتم ألمي بداخلي وإن كانت ستفضحه عيوني، فلعلّ الإنسان الذي آلمني في تلك اللحظة ليس هو الإنسان الذي عرفته سنيناً.

قلبي طير، ولغتي جناحين، ولا وطن إلّاك، هل علمت الآن لمَ أصبحت كلّ بقاع الأرض أوطاني، والقلب لا يعاني الغربة!

أجمل ما في الغربة أنها تجعل من الغرباء أصدقاء، وتجعل من الأصدقاء إخوة.

في الغربة كأنّ لنا حب في أرض غير أوطاننا.

في الغربة أنت لا تملك ما تملك، ولو كنتَ سلطاناً.

للغربة أوجاع لا يعلم بها إلّا من عاشها.

يا بائع التذاكر لا تبع أصدقائي الغربة أن جاؤوك..اكذب عليهم وأخبرهم أنّ لا قطارات ولا تذاكر، وأنّ لا بلاد خارج هذه البلاد.

في كل حرف من حروف الغربة حرقة قلب مشتاق، وحنين، وألم، وعذاب .

مهما ذهب الإنسان إلى بلدٍ آخر غير بلده الأم بغض النظر عن السبب، فلن يشعر بالراحة والانتماء لهذا المكان مهما حاول أن يبدي من مشاعر، فما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل.

ليست الغربة فقط مغادرة الوطن، بل هي أيضا مغادرة أوطان صغيرة من حياتنا كقلوب من نحب.

الغربة تحمل في ثناياها معانٍ كثيرة تتجسّد في مشاعر الإنسان، فهي تُعطي للغريب دروساً كثيرة في الصبر، وتًعلّمه كيف يتعامل مع عدم وجوده في بلاده، وكيف يُقابل في كلّ يومٍ وجوهًا لأشخاص لا يعرفهم لمجرد أنّه غريب في بلادٍ غريبة..إنّها مدرسة بحالها.

لو شعرت ببعد الناس عنك، أو بوحشة أو غربة، فتذكّر قربك من الله.

بعضهم كالوطن إن غابوا عنّا شعرنا بالغربة.

الغربة ليست دائماّ حدث بل هي شعور أحياناّ، فقد تشعر بالغربة في محيط ممتلئ بأناس تعرفهم؛ لأنّ لا أحد منهم يفهم قلبك .

أكبر عملية إعادة إنتاج يعيشها المرء تكون في أدق لحظات الوحدة والغربة، وأكثرها هدوءاً.

في الغربة كأن لنا حب في أرض غير أوطاننا.

في الغربة سناجب كثيرة، وأشجار بندق، وشوارع واسعة، لكنّ أهم ما فيها هو قلّة الأنصار، والعزوة، والحيلة.

في الغربة عن الأهل، والأحبّة، والوطن نصمد لحظة، ونتهاوى لحظة، ونبتسم وهلة، ونبكي أيام.

أكثر ما يُفكّر فيه الغريب أن يموت في غربته، فالموت في الغربة موتان، فهو يمنع الغريب من وداع أهله وبلاده، ويبقيه غريبًا حتى في قبره.

الغربة تقتل فيك أشياء لا تدري عن موتها إلا حين عودتك إلى وطنك.

ما غرّد طائر على فنن إلّا وأنت كئيب..أجارتنا إنّا غريبان ها هنا وكلّ غريب للغريب نسيب.

في الغربة تبدو كل الشوارع قاتمة، وكل الأجواء باردة، وكلّ الوجوه شاحبة عدا ما تحمله في حقيبتك من صور، وذكريات.

على الرغم من الانطباعات السيئة الكثيرة التي يملكها الناس حول الغربة وتبعاتها السلبية الكثيرة، إلّا أنّ البعض يرى في غربته دوراً هاماً في أن يكون الشخص أكثر لطافة، وانفتاحاً، وأقدر على تحصيل رزقه.

بك يا زمان أشكو غربتي إن كانت الشكوى تداوي مهجتي.. قلبي تساوره الهموم توجعاً، ويزيد همي إن خلوتُ بظلمتي.

هناك ثلاثة أشياء تغيّر نظرتك للحياة: فقدان القريب، والغربة، والمرض.

أحرقي في غُربتي سفني، لأنّني أقصيتُ عنْ أهلي وعن وطني وجَرعتُ كأسَ الذُّلِّ والمِحَنِ.

إنّما يُقطع السفر، ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل، فإذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى يصل إلى مقصده، وينتهي من غربته!

في كل حرف من حروف الغربة ، حرقة قلب ومشتاق وحنين وألم وعذاب .

غرباء ونبقي غرباء أتينا بلا موعد، ونرحل بلا موعد.

لم أفهم قطّ الاغتراب، فالاغتراب من ماذا، يجب عليك أن تكون جزءاً من شيء ولكن دون أن تشعر بالغربة منه.

في الغربة رغم الحزن الكئيب تتداعى أجمل الذكريات، وأحلى الصور، وتزداد قيمة اللحظات الطيّبة، والأحبّة والأهل.

الغربة حزنٌ كلهيب الشمس يبخّر كل ذكرى من القلب ليسمو بها.

قرش في الوطن ودفئه خير من كنوز الغربة ومرارها.