الأم

الأم هي الشعلة المضيئة في حياتنا، وهي السعادة والأمان، والحضن الدافئ، وهي أيضاً ذلك الملجأ الذي نأوي إليه لنهرب من آلامنا وأحزاننا، إنّها النبع الدافئ الذي يغذّي أحلامنا ويسقي أرواحنا، وهي جنتنا، ففي غيابها يفقد البيت روحه، وتعمّ الظلمة، غيابها يؤلم، وفراقها يكسر، وبُعدها يشعرنا بالوحدة والهم، ويفتق في الروح الجراح لتنزف على فراقها ما كُتب في هذا المقال من رثاء.


كلام في رثاء الأم



أمي، لا زلت أتمنى أنّك على قيد الحياة، وأنّ غيابك مجرد حلم سيئ




نعم يا أمي لقد رحلت بجسدك عنّي، لكنّ روحك لن تفارق روحي قطّ.




رغم ظروفي الصعبة التي أمرّ بها هذه الأيام لا زلت أسترق النّظر إلى صورتك، لأستمدّ منها ما يسعد روحي، ويزيل همّي، ويهدّئ توتر أيامي، وكأنّك بجانبي يا أمي.




صوت فقيدتي لا يُنسى، وبسمتها لا تغيب عن مخيلتي، فرحم الله وجهاً اشتقت إليه حدّ السماء، رحمك الله يا أمي.




كانت السعادة متجسّدة بوجود أمي، والحزن أصبح في غيابها حاضراً لا يغيب.




أمّي..ما زال صوتك يتردّد في مسمعي، وطيفك يتراءى أمام ناظري، وما زلت أشعر أنّني في حلم أنتظر أن أصحو منه، ولكنّ فقدك واقع مرّ.




غادرني الفرح برحيل أمي، فقد رحلت ورحل كلُّ شيء جميل معها.




رحيلك يا أمي غصّة في القلب لن تموت حتى أموت.




أمي التي كانت تخاف علينا من الحياة لا تدري الآن كم بكينا الحياة من دونها.




يعزّ عليّ حين أدير عينيّ أن أفتّش عنك ولا أجدك.




الحياة بدون أم، أشبه بالوقوف طيلة العمر في منتصف غرفة مليئة بالجدران دون أن يُسمح لك بأنّ تتكئ على أيّ منها.




منذ أن غبت يا أمي وشيء في قلبي لم يعد على قيد الحياة.




صدق من قال إذا غابت أمك، فقد انطفأ نورك.




عن أيّ ألم تتحدثون بعد أن فقدت أمي؟




الشوق للميّت يميت، فكيف إذا كانت أمي؟




رحلتِ يا أمي، وتركتِ غصات حنين باتت تقتلني، وتفتّت ضلوعي وتعذّبني، اشتقت لكِ حبيبتي.




لقد كنت يا أمي الحياة والسرور للبيت، وأصل الضياء والنّور، وفي لمحة عين انطفأ نورنا بعد أن مضيتِ وتركتِ لنا حزناً مراً نتجرّعه صبحاً ومساء، فأصبح البيت دونك يا أمي سجناً، والكلّ فيه أسير.




خواطر في رثاء الأم



منذ رحيلك وهذا حالي أمسح دمعي ليحلّ مكانه دمع جديد، وآهات باكية، وحزن أكبر، فمنذ رحيلك وأنا أقف عاجزاً لم أُفق بعد من صدمة موتك، ورحيلك عن الدنيا يا أمي، روحي لا زالت معك وكل يوم أجد ألف سبب لاتذكرك، وألف سبب لأموت به من أجلك، فرحيلك كان الأقسى والأمرّ، فأنا لم أكن أعرف طعم السعادة إلا معك، ولم أدرك أبداً أنّ طعم الحرمان مرّ إلى هذا الحدّ، فالشقاء، والظلام، والأسى حلّت كلّها برحيلك.




إنّنا يا أمي مكمَمون بالحزن على فقدك، رغم إيماننا بالموت، وخالق الموت والحياة، وإدراكنا فضل الصّبر والاحتساب ونحن إن شاء الله من الصابرين، إلاّ إنّنا بفقدك يا أمي مفجوعين، وبالحزن مكبّلين، فقد رحلت دون أن تكملي مشوارك معنا، ودون أن تتأملي في زرعك كيف أثمر وأينع، وكيف استقامت وروده، وتشابكت أغصانه وتآلفت، رحلتِ في الوقت المناسب لأن تجلسي بالمكان الوثير ليلعب حولك الأحفاد ويتلون عليك أناشيد الطفولة، كنت ستكونين أروع وأصغر الجدّات يا فقيدة قلبي.




أمي، لقد رحلتي بجسدك لكنّ روحك لم تغادر روحي، فمَن لي سواك في هذه الحياة أشكي له، ومن لي دونك على صدره أبكي، لقد كنت الحياة كلها وعندما ارتحلت يا أمي لم يعد لأيّ شيء معنىً، فما عدتُ أجد نوماً هنيئاً بعد حضنك، ولا رأيتُ وردة أجمل من ثغرك، فأنت الماء الذي اشرب، والابتسامة التي بها أفرح، والقلب الذي ينبض، لن أقول أنّي أذكرك لأنّني لن أنساك عمراً.




صدقيني أحنّ إلى كل لحظة معك، وأحنّ كثيراً لعينيك، كم أفتقدك وأفتقد وجودك، وكم أفتقد حياتي بأكملها في غيابك، أيا ليت كل العمر قضيته وأنا في حضنك..أتمنى أن يسرقني الزمن لأراك ولو ثانية، رحمك الله يا أمي فقد كنت خلفي في جميع نجاحاتي، وكنت سندي في جميع أزماتي، وكنت لي دائماً نبع الحب والحنان والعطاء، حتى في فترات مرضك الأخيرة كم حاولت أن تتماسكي حتى لا ترهقي من حولك، فكنت دائماً كالشمعة التي تحترق لكي تنير لمن حولها الطريق، وكانت سعادتك في سعادة الآخرين، وراحتك في رضا من حولك، وكنت كالشجرة الوارفة تظلّل من حولها، عهدتك دائماً راضية بما قسم الله لك، ما نظرتِ أبداً لما في أيدي الآخرين، وكنت متسامحة ما حملتِ في قلبك بغضاً ولا كراهاً، وأنا مهما عدّدت من صفاتك يا أمي لن أستطيع أن أفيك حقك، فقد كنت نعم الأم طوال هذه السنين ورغم رحيلك في داخلي تسكنين، ولساني لا يعجز عن الدعاء لك، وعيوني لا تكف عن النّظر لصورتك المحفورة في قلبي، رحمك الله يا قطعة من قلبي.




أدعية للأم الميتة



اللّهم ارحم أمي، واغفر لها، واعفُ عنها، وأكرمها، اللهم وسّع مدخلها وأدخلها الجنّة واغسلها بالثلج والماء والبرد، اللّهم يمّن كتابها وهوّن حسابها، و ليّن ترابها، اللّهم طيّب ثراها، وأكرم مثواها، واجعل الجنّة مستقرها ومأواها، اللّهم وارحم موتى المسلمين.




اللّهم ارحم أمي واجعل ذكرها معموراً بالخير، واللّهم أنبت حول قبرها ريحاناً باقٍ لا يذبل.




اللّهم كما رويت الأرض بالمطر، فأمطر على قبر أمي وموتى المسلمين بسحائب مغفرتك ورحمتك، واجعل لهم في كل قطرة مطر مغفرة ورحمة يا أرحم الراحمين.




اللّهم ارحم روحاً صعدت إليك، فإنّه لم يعد بيننا وبينها إلاّ الدعاء، اللّهم ارحمها واغفر لها وانظر لها بعين لطفك وكرمك يا رب العالمين.




يا رب إنّ أمي كانت مؤمنة بك وتخافك، لقد صبرت وصابرت، ولم تكن في الحياة هانئة وبعيشها ساكنة، لقد كانت من أجلك زاهدة ومن أجلنا عاملة باكية، ولم تكن يوماً إلّا والمرض يقاسم لحظات عيشها، فاغفر يا الله لها ما تقدّم وتأخر من ذنب..أنت القادر وأنت أرحم الراحمين.




اللّهم إنّ أمي بذمتك وحبل جوارك فقها فتنة القبر وعذاب النّار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر لها وارحمها إنّك أنت الغفور الرحيم.




اللّهم أطعمها من الجنّة، واسقها من الجنّة، وأرِها مكانها من الجنّة، وقل لها ادخلي من أيّ باب تشائين.




اللّهم اجعل ذريتها ستراً بينها وبين نار جهنّم.




ربّي لا تحرم أمي من رائحة الجنّة، فهي لم تحرمنا شيء من الدنيا.




ربّي ارحمها واغفر لها بقدر ما رعتني وربّتني، اللّهم اجعل كل عملٍ صالحٍ يصدر منّي في ميزان حسناتها، اللّهم نقّها من ذنوبها كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس.




أبيات شعرية في رثاء الأم

قال الشاعر نزار قباني:

كسمكةٍ اخترقها رمح

جاءني هاتفٌ من دمشق يقول:

"أمك ماتت"

لم أستوعب الكلمات في البداية

لم أستوعب كيف يمكن أن يموت السمك كله

في وقتٍ واحد..

كانت هناك مدينة حبيبة تموت اسمها بيروت

وكانت هناك أمٌ مدهشة تموت اسمها فائزة..

وكان قدري أن أخرج من موتٍ لأدخل في موت آخر..

كان قدري أن أسافر بين موتين...