تولِّدُّ في قلوبنا الأيام التي نقضيها مع الأشخاص إحساساً بالقرب، والأُلفة ويزيدان بازدياد ما نمر به مع بعضنا البعض من مواقف، وتنمو معهما نبتة الشعور الإنساني المسمى (بالعشرة) حينها، إلّا أننا وفي بعض الأوقات نهون على البعض، ويسهل عليهم أذيتنا، وطي صفحة الأيام التي عايشناهم فيها، فنحزن لذلك ونمضي باحثين عمّا يصف خيباتنا العميقة بهم، ويصوّرها.
كلام عن هوان عشرة الحبيب
كان مما قيل في هوان عشرة الحبيب ما يأتي:
لم أخشَ يوماً فراقنا بقدر ما خشيت أن تهون عليك عشرتي، فالفراق قدر، وهوان العشرة غدر.
الخلافات تهدأ قليلاً عند تركها فيسهل حلّها، لكن الإهمال يقتل في داخلنا كل جميل، فكيف هنت عليك؟
لا تقاس العلاقات بطول العشرة إنما تقاس برائع الأثر.
فإن مرّ الزمان وحاولت طمسي من ذاكرتك ونسياتي، تذكّر يا من هانت عليه عشرتي أنّك لن تراني.
سلام على شخص تحمّلني في أوقاتي الصعبة مستذكراً عشرتنا معاً، وقد أدار لعشرتنا اليوم ظهره وولى مدبراً.
لكي لا أموت مرتين، لن أعود لمن هانت عليه عشرتي، وخذلني أمرّ خذلان.
أنا فخورة بقلبي الذي تعرّض للغش، والجرح، والخداع وما زال ينبض بطريقة ما، ويعايش من لا يعرفون معنى للعشرة.
وكان بإمكاني أن أكتب على ظهرك لما غادرتني (خائن) لكن أخلاقي لا تسمح لي بردّ الخيانة، وحفظ العشرة عندي ضرب من ضروب الأمانة.
واحترت ما الأصعب..أن احتمل ألم خيانتك، أم ألم مسامحتي لك لأني ما اعتدت حق العشرة أن اخون؟
إلى أحدهم..لطالما تمنيت ألّا يحدث بيننا ما نحن به الآن، على الأقل بداعي العشرة وما بيننا من أيام.
اخترت الانسحاب لما لمحة في عينيك هواني عليك، ولما رأيتني كالماء اتسرّب من بين يديك.
كان في عينيك شيء لا يخون، لست أدري كيف خان.
ولما ادرت لي ظهرت نمت أردد: من هانت عليه نفسه على الناس هان.
لا تلمني إن هجرتك وصرت عندي من الخيال، أن أهون في نظرك، وأبقى إلى جانبك هذا محال.
في قلبي ألف غصة، وفي عيني دمعة لا تريد تصديق كيف هنت عليك بعد كل ما بيننا قد كان؟
هوان العشرة لا يسهل إلّا على قلب لم يحب منذ البداية، ونفس لا تعرف سوى المصلحة!.
لطالما ظننتك رفيقي وعكاز أيامي، حتى أدرت لي ظهرك وهنت عندك، فمزقت عهد هيامي بك، وميثاق غرامي.
كلام عن هوان عشرة الصديق
لصديقة قديمة قاسمتها لياليّ الجميلة، وبسماتي الصادقة، لا أنكر عليك غيابك، فأنا متيقنة من أنك هائمة في إحدى الطرق تبحثين عن نفسك القديمة الآن.
كم جميل لو بقينا أصدقاء، كم جميل لو بقينا أنقياء.
قل لصديقك الذي غدر بي أن يسليك، لكن اعلم أنّ من خان لأجلك سيخونك.
عندما تهمّين بأكل لحمي عند غيبتي، لا تنسي وضع القليل من الملح الذي كان بيننا.
الخبز والملح مفهوم لن يدركه سوى من كان معدنه الذهب.
شكراُ لمن هم دوماُ بجانبنا، لا لشيء إنما لأنهم يعرفون للعشرة معنى.
لا يهمني أن أكون شخصاً متكاملاً، بل يكفيني شرفاً أنني أحفظ حق صحبتي، وأن العشلرة على قلبي لا تهون.
وبعض البشر لا يعرف معنى العشرة، ولا حق الصديق، بل هو عبد لحاجته، ولمن هي عنده رفيق.
لأحدهم أقول: لا صداقة بعد الحب، ولا احترام بعد الخيانة، ولا ثقة بعد هوان العشرة.
الخذلان هو أن يخونك رفيق دربك وأنت الذي ائتمنته على عمرك، أما الموت فهو أن تهون على من ظننته رفيق دربك الطويل.
في قلبي حنين للأيام التي قضيناها معاً، وللمواقف التي حاربنا فيها أقسى اللحظات، وفي روحي مقبرة أدفن بها هذا كله كلما أتذكر أن عشرتي هانت عليك.
إن دعتك المصلحة لدفن كل ذكرياتي معك، فتذكري أن هناك ركناً في علاقتنا كان يدعى العشرة.
لا أحد يحب العزلة، لكنني من هواني على الناس اكتفيت.
لا خير في خل يخون خليله، ويلقاه من بعد المودة بالنكران والجفا.
شعر عن هوان العشرة
قيل في الشعر الكثير عن الخيبات وهوان العشرة، ومنها ما يأتي:
- قال الإمام علي رضي الله عنه:
تَغَيَّرَتِ المَوَدَّةُ وَالإِخاءُ
وَقَلَّ الصِدقُ وَاِنقَطَعَ الرَجاءُ
وأَسلَمَني الزَمانُ إِلى صَديقٍ
كَثيرِ الغَدرِ لَيسَ لَهُ رَعاءُ
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيتَ لَهُ بِحَقٍّ
وَلَكِن لا يُدومُ لَهُ وَفاءُ
أَخِلّاءٌ إِذا اِستَغنَيتُ عَنهُم
وَأَعداءٌ إِذا نَزَلَ البَلاءُ
- قال الشاعر:
ألا عدنا كما الأغراب
وعدتً أراقب الأحباب من بعد
وعدت أقاسي الأيام من وعد
وأذكر يوم قصتنا
ويوم فراقنا عصراً
وأذكر حينما قالت
لم تهجرني ما ذنبي
سكتت حينها وقتاً
تركتيني بلا درب
أريدك قيد أنملتي
وانت قيد اموال
- وقال شاعر آخر:
قالوا بأنَّ الله يغفِرُ في الهَوى كُلَّ الذُّنوبِ ولا يُسامِحُ مَن غَدَرْ
ولقد رَجعتُ الآن أذكرُ عَهدنا مَن خَان مِنَّا، مَن تنكَّر، مَن هَجَرْ
فوجدتُ قلبكَ كالشِّتاء إذا صَفا سَيعودُ يعصفُ بالطيور وبالشَّجَرْ
يوماً تَحملت البعادَ مع الجفا ماذا سأفعلُ خبريني بالسهرْ!